لم يهدأ بال الحكومة الإيرانية في الاشهر الاخيرة من العام الحالي، فبعد انتخاب الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ لقيادة أميركا، تغيّر الوضع في إيران، الداخلي، من خلال التحديات الامنية والاقتصادية التي تسببت بها العقوبات الأميركيّة، والخارجيّة من خلال خروج الولايات المتحدة الاميركية من ​الاتفاق النووي​، وإعادة التصويب باتجاه قوة إيران العسكرية.

الأمن الى الواجهة

فيما تصبّ إيران تركيزها على مواجهة العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة الرئيس ترامب منذ شهر تقريباً، هزّ انفجار انتحاري مدينة تشابهار جنوبي شرق إيران ليعيد التركيز على الوضع الأمني في البلد، بعد أكثر من شهرين على عملية إرهابية كانت قد حصلت في الأهواز خلال عرض عسكري، وتبّنتها مجموعة "الاهواز الإنفصالية".

انتحاري مدينة تشابهار، الذي يطغى فيها عرق "البُلوش"(1)، حاول استهداف مركز للشرطة في المدينة، إلا أن قوات الأمن تمكنت من إيقافه قبل أن يفجّر نفسه، ويوقع عدداً من الضحايا من بينهم قائد شرطة المدينة. لذا، وبعد تكرار العمليات الإرهابية في إيران، هل بدأت التهديدات بما يخص نقل المعركة إلى الداخل الإيراني بالتفاعل؟.

اللافت في محاولة التفجير هذه هو موقعه، اذ يُعتبر مرفأ مدينة تشابهار من أهم المرافئ في الجمهورية الاسلاميّة التي تقع تحت وقع العقوبات الأميركية الأخيرة. التي لم تنجح حتى اليوم من تحقيق أهدافها بإرضاخ طهران لرغبات ترامب، الذي لم يترك طريقة إلا وحاول فيها استقطاب القيادة الإيرانية لمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، وهذا ما كشفه الرئيس الإيراني ​حسن روحاني​ من أن واشنطن طلبت العام الماضي التفاوض 8 مرات بشكل مباشر وهذا العام 3 مرات بشكل غير مباشر.

الصواريخ الباليستية

لا تكتفي إيران بالرد السياسي على الحروب التي تُخاض ضدها، بل تتجه نحو اجراءات عملية، ربما يكون آخرها التجارب الصاروخية الباليستية التي لم تؤكدها القيادة الإيرانية ولم تنفيها، ما يوحي بأنها تريد منها أن تكون رسالة قاسية، سواء حصلت أم لم تحصل. رسالة للأميركي اولا والاوروبي ثانيا، اذ على الرغم من استمرار الـ"ترويكا" الأوروبية (فرنسا، بريطانيا، المانيا) بالتمسك بالإتفاق النووي الإيراني، الا أنهم يفشلون بترجمة هذا الامر جديا بخطوات ملموسة، وهم رغم معارضتهم لأغلب قرارات ترامب في هذا الملف، يستمرون باتخاذ المواقف الرماديّة التي لا تسمن ولا تغني من جوع التحرر من العقوبات.

وفي هذا السياق لم تستطع الدول الاوروبية رغم عدم معاداتها للقيادة الإيرانيّة الا أن تدين التجارب الصاروخيّة الباليستيّة التي اتّهمت إيران بتنفيذها، مع العلم أن ردّ طهران على هذه الإتهامات جاء عبر تأكيدات عسكريّة وسياسيّة أن الصواريخ دفاعيّة وتهدف لرفع قوة الردع، ولا يحقّ لأيّ طرف خارجي التدخّل بها. ومن هنا يظهر الصراع الجديد الذي تحاول الدول الغربية خلقه مع ​ايران​، وهو اعادة التصويب على برامجها العسكرية.

التحدي الاقتصادي مستمر

بعيداً عن كل ما سبق، يستمر الإقتصاد الإيراني في الصمود أمام كمّ العقوبات المتزايدة. فرغم الانخفاض في الصادرات النفطية وانخفاض حركة الموانئ بنسبة 40%، تستمر العملة الإيرانية في التحّسن، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 10 آلاف تومان (100 ألف ريال).

إلا أن غياب المشاريع الإنمائية أدّى لتحريك الشارع في عدد من المدن الإيرانيّة، أبرزها في ​اصفهان​، حيث أقدم 18 نائبًا عن المحافظة على الإستقالة من مجلس الشورى الإيراني احتجاجًا على إزالة مشاريع إمدادات المياه للمحافظة من ميزانيّة العام المقبل. هذه الخطوة من نواب أصفهان كانت نتيجة احتجاجات شعبيّة شهدتها المدينة جرّاء نقص المياه، خصوصاً بعد جفاف نهر "زاينده رود" الذي كان يروي المدينة ما أثّر على حياة السكان.

على وقع هذه التحدّيات تحاول القيادة الإيرانيّة إقفال عام 2018 بأقل الخسائر الداخلية الممكنة، ولكن ليست هذه الملفّات الوحيدة التي تشغل بال الايرانيين، فمنطقة الشرق الأوسط تغلي على وقع تهديدات اسرائيلية برزت بعد الحديث الجدّي عن الوصول الى شبه اتفاقات نهائيّة باليمن والعراق وسوريا.