يجمع مختلف الأفرقاء السياسيين على أن ​لبنان​ يواجه أزمة إقتصادية كبيرة، تتطلب القيام بالكثير من الخطوات الإصلاحية لا سيما على مستوى حصر النفقات، ما دفع بالبعض إلى إقتراح تجميد ​سلسلة الرتب والرواتب​ أو لجزء منها، لكن في المقابل عندما قرر هؤلاء البحث عن حل لخلافاتهم على المستوى الحكومي، التي تقوم على تقاسم الحصص، لم يجدوا إلا ما يزيد الكلفة على الخزينة العامة.

في الوقت الراهن، يتصدر إقتراح رفع عدد أعضاء الحكومة إلى 32 أو 34 وزيراً قائمة الحلول المقترحة لمعالجة عقد تمثيل النواب السنّة المستقلين أو أعضاء "اللقاء التشاوري"، نظراً إلى رفض كل من رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ أن يكون الحل على حساب حصتهما، لكن أحداً لم يسأل عن الكلفة المتوقعة لمثل هذا الخيار؟!.

يبلغ عدد الوزارات في لبنان 21، وبالتالي بالإضافة إلى رئيس الحكومة من المفترض أن يكون عدد أعضاء أي حكومة 22 وزيراً، إلا أن المشكلة تكمن في وزراء الدولة، الذين يشكّلون الإضافة، في حين أن إقتراح رفع عدد أعضاء الحكومة إلى 32 وزيراً، يعني أنه سيكون هناك 10 وزراء دولة بدل من 8، لكن السؤال الأساسي يبقى ماذا يفعل هؤلاء، بحسب ما يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات ​محمد شمس الدين​ لـ"النشرة"، الذي يلفت إلى أنه إذا كان وزير الدولة نائباً لن يكون هناك من تكاليف إضافيّة، كونه لا يحصل على راتبين، بينما في حال لم يكن كذلك سيكون هناك مصاريف إضافية غير أساسيّة.

في هذا السياق، تبلغ مخصّصات وتعويضات الوزير في لبنان نحو 8 ملايين و625 ألف ليرة شهرياً، لكن من الناحية العمليّة يكلّف كل وزير الخزينة العامة حوالي 15 مليون ليرة شهرياً بالحد الأدنى، نظراً إلى أن هناك مصاريف إضافية: بدل إيجار مكتب، 4 مرافقين من جهاز أمن الدولة، سكرتير أو سكرتيرة. ما يعني في حال رفع عدد أعضاء الحكومة إلى 32 وزيراً سيكون هناك مصاريف إضافية تبلغ نحو 30 مليون ليرة شهرياً، وهي ستصل، بحال صدقت التوقعات بأن عمر الحكومة سيمتد حتى نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي أي نحو 38 شهراً في حال شُكلت اليوم، إلى نحو مليار و140 مليون ليرة بالحد الأدنى، وهي قد تصل إلى نحو مليون دولار إذا ما أضيفت بعض المصاريف الأخرى.

هذا الواقع، يعيد إلى الواجهة السؤال عما إذا كان لبنان بحاجة إلى حكومة من 30 وزيراً في الأصل، نظراً إلى أن الكثير من الدول التي تفوق لبنان من ناحية الإمكانيّات الإقتصاديّة والحجم الجغرافي والسكاني لا يبلغ عدد الوزراء فيها أكثر من 16، في حين أن عدد أعضاء حكومة ​نجيب ميقاتي​ الأولى في العام 2005 لم يتجاوز 16 وزيراً، ما يعني إمكانية تكرار التجربة.

في حال، قرّر الأفرقاء السياسيين الإكتفاء بأن يكون عدد الوزراء موازياً لعدد الوزارات، أي 22 فقط، سيعني ذلك خفض تكاليف 8 وزراء إذا كان الحديث عن حكومة ثلاثينية، وبالتالي خفض التكاليف ما يقارب 120 مليون ليرة شهرياً، ونحو 4 مليار و569 مليون ليرة على أساس أن عمر الحكومة 38 شهراً، بينما في حال الإكتفاء بـ16 وزيراً سيصل المبلغ إلى ما يقارب 7 مليار و980 مليون ليرة.

قد يظنّ الكثيرون أن هذا المبلغ زهيد، بالمقارنة مع النفقات الأخرى التي تتكبدها الخزينة العامة نتيجة الفساد الإداري والهدر المالي، إلا أن شمس الدين يعتبر أنه في حال كان لدى الحكومة توجّهاً للحد من النفقات يكون عليها الإنتباه إلى المبالغ الصغيرة والكبيرة معاً، ويعتبر أن مثل هذا التوجه على المستوى الوزاري يكون مؤشّراً للذهاب نحو سياسة تقشفيّة شاملة، ويذهب أبعد من ذلك إلى الحديث عن أن عدد أعضاء المجلس النيابي، 128 نائباً، كبير بالنسبة إلى دولة مثل لبنان، وبالتالي من المفترض خفض هذا العدد أيضاً.

في المحصلة، نقطة الإنطلاق في أيّ عمليّة إصلاحيّة من المفترض أن تكون من الحكومة، وهذا الأمر بكل تأكيد لا يكون من خلال رفع عدد الوزراء، في حين أن التوازنات، التي يتحجّج بها البعض، في حكومة من 30 أو 32 وزيراً من الممكن ترجمتها في حكومة أقل عدداً، سواء كانت من 22 أو 16 وزيراً.