لفت وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال ​غازي زعيتر​، خلال رعايته احتفال منظمة "أبعاد" وجمعية "تنمية الموارد المحلية"، بيوم المرأة الريفية بعنوان "المرأة الريفية ودورها في التنمية المستدامة والأمن الأسري - آفاق وتحديات"، في المركز الثقافي الإجتماعي في دار الإمام في ​الفاكهة​، إلى "أنّنا نحتفل اليوم في محافظة ​بعلبك الهرمل​ بيوم المرأة الريفية، وهو يوم عالمي حدّدته ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​، في الخامس عشر من شهر تشرين الأول، وذلك تسليمًا منها بالدور الّذي تضطلع به النساء الريفيات، وبإسهامهنّ في تعزيز التنمية الزراعية والريفية وتحسين مستوى الأمن الغذائي والقضاء على الفقر في الأرياف".

وركّز على أنّ "المرأة تستحقّ هذا الاحتفال لتسليط الضوء على دورها في إدارة الموارد الطبيعية والزراعية وإسهاماتها في تحقيق الأمن الغذائي لأسرتها في الدرجة الأولى ولمجتمعها بشكل عام"، منوّهًا إلى أنّ "الدستور ال​لبنان​ي نصّ على أنّ جميع اللبنانيين سواء أمام القانون ويتمتّعون بالحقوق والواجبات نفسها، كما أنّ لبنان موقّع على اتفاقية القضاء على كلّ أشكال التمييز ضدّ المرأة منذ عام 1997، وهذه الإتفاقية معروفة باتفاقية "CEDAW" وتتضمّن بنودًا خاصّة بالمرأة الريفية".

وشدّد زعيتر على "أنّنا نولي قضايا المرأة الاهتمام اللازم عبر المشاركة مع الإدارات والهيئات المختصّة في وضع الاستراتيجية الوطنية للمرأة والاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضدّ المرأة والاستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف. كذلك في وضع مسودّة ​قانون العمل​ وتعديل أحكام قانون ​الضمان الاجتماعي​ الّتي تشكّل تحديًا في ظلّ عدم شمول القانون الحالي النساء العاملات في ​القطاع الزراعي​"، موضحًا أنّ "الأمر الّذي يبقي النساء، كما الرجال، في هذا القطاع دون ضمان صحي ودون تقديمات اجتماعية، ويعيق الإستفادة من التسليف الزراعي ومن خدمات أخرى هم بأمسّ الحاجة إليها".

وأكّد أنّنا في ​وزارة الزراعة​ نعي تمامًا أولوية هذه المسألة، وأطلقنا المرحلة الأولى من السجل الزراعي، بدعم من منظمة "فاو"، الّذي سيشكّل قاعدة أساسية ويفتح كوّة لاستفادة جميع المزارعين والمزارعات من تقديمات الضمان الاجتماعي مستقبلًا"، مبيّنًا أنّ "انطلاقًا من استراتيجية وزارة الزراعة للفترة 2015- 2019 الّتي تضمّ محاور تدعم المرأة والشباب، فقد أوليت، خلال السنتين الماضيتين، اهتمامًا خاصًّا بموضوع المساواة بين الجنسين في قطاع الزراعة والغذاء".

وأعلن زعيتر "أنّنا هنا لنستمع إلى صوت النساء والفتيات وهواجسهن ومطالبهن للوصولِ إلى العدالة والمساواة والتنمية المستدامة".

من جهتها، لفتت الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة إلى أنه "منذ العام 2003 وبقرار من مجلس الوزراء أصبح للمرأة الريفية في لبنان يوما وطنيا يحتفل به في الخامس عشر من تشرين الأول من كل عام، وأردنا من خلال تلك المبادرة التي عملت على إنجازها آنذاك بالتعاون مع وزارة الزراعة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة، تكريم المرأة في الريف، وتسليط الضوء على قضاياها والتحديات التي تواجهها، وتبيان قيمة جهودها الفعلية ولا سيما انها تعمل بكد وصمت، ولا يحتسب عملها المنهك في الأعمال الزراعية ضمن الإحصاءات الرسمية، كما تهمل مساهمتها في الدخل القومي. وفي مقابل ذلك ضاعت حقوق المرأة الريفية في العمل، وتتحكم بمفاصل حياتها ضغوطات العادات والأعراف الاجتماعية، فتتعرض للعنف، وتترك مقاعد الدراسة لتتزوج باكرا. وحتى إذا ما حظيت بعمل مجد، فإن خدمات الارشاد التقني، والتوعية الصحية والاجتماعية إن طالتها، تأتي مجتزأة وبما توفر".

وأشارت إلى أن "هذه عينة من المعوقات التي لن أسهب بتعدادها فأنتم الأكثر معرفة بها وتختبرونها كل يوم. واستكمالا لهذه المبادرة اطلقنا في العام 2008 المرصد الوطني للمرأة في الزراعة والريف "نوارة"، وهو برنامج وطني قدم منذ تأسيسه مساهمات عديدة عبر الدراسات الإحصائية والقانونية للتعمّق بواقع ودور النساء في الزراعة والتنمية الريفية، كما عبر الدعم الفني والمادي لسيدات الأعمال في المجالات الزراعية والغذائية والموارد الطبيعية والحرف، وايضا عبر اطلاق جائزة "نوارة" لأفضل عمل اقتصادي منتج، إضافة الى برنامج التوعية مع طلاب المدارس الذي ينفذ بالتعاون مع وزارة التربية منذ العام 2012، واستهدف حتى الآن اكثر من أربعين مدرسة رسمية شارك طلابها في كتابة القصص المعبرة عن الواقع الريفي وفي تكريسها ضمن محاولات فنية مميزة بعد أن انضم إليهم طلاب من رواد المكتبات العامة. تم إصدار ثلاثة كتيبات تتضمن قصصا من واقع الحياة في المدن والأرياف تواجه النساء والفتيات، مع كل ما تحمله من معوقات وانجازات اقتصادية واجتماعية، ساهم الطلاب بتطويرها كتابة ورسما، وتوجت في كل مرحلة بمباراة بين المدارس المشاركة. وراء كل قصة وفكرة في هذه الكتيبات هناك رسالة اردناها ان تصل للجيل الناشىء علها تساهم في التغيير. كذلك يتعاون المرصد مع منظمات دولية مثل "فاو" والتعاون الإيطالي من خلال وضع خبرته في تطوير المشاريع والمساهمة في تنفيذها".

وأضافت: "الفجوات لا تزال كبيرة وتتطلب جهودا جبارة لتقليصها من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين، وهذا ليس مستحيلا سواء عبر اعتماد مقاربات تنموية تشاركية مع النساء والرجال، وفي ردم الفجوة التعليمية عبر الزامية التعليم حتى المرحلة الثانوية، وكذلك تأمين الخدمات الصحية ذات الجودة، أما في المشاركة في السلطة المحلية والعمل البلدي فحدث ولا حرج، الهوة كبيرة جدا واسمحوا لي أن أتوقف امام بعض الأرقام على مستوى لبنان فان نسبة مشاركة النساء في البلديات لم تزد عن 0.9% في انتخابات 2016 عما كانت عليه في انتخابات 2010، واللافت أن أدنى نسبة ترشح للنساء سجلت في محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل 3.6%، اما على مستوى الفوز فسجلت ايضا النسب الأدنى"، متسائلة: "لماذا هذا التراجع عن الاهتمام في الشأن العام من قبل النساء في هذه المنطقة، ويجوز تعميم السؤال ايضا على مستوى لبنان بشكل عام؟ هل دور النساء فقط يجب أن يبقى محصورا في الحيز الخاص ضمن المنزل والعائلة؟ هل المرأة حرف ناقص؟ هل هي مواطنة كاملة الحقوق كما غيرها من المواطنين؟".

وتابعت الضيقة: "هذه التساؤلات تدحضها النجاحات التي حققتها المرأة في ميادين عديدة، والتي تؤكد جهوزية المرأة لخوض جميع الميادين وحتى السياسية منها، وهي حيثما عملت برعت. انما لا شك ان هناك حواجز وأعراف مجتمعية متأصلة علينا العمل معا لتفكيكها، والتعمق أكثر في الأسباب التي تجعل اللامساواة امرا واقعا ومستمرا، وذلك لا يمكن ان يتم الا عبر إحداث تحول منهجي ومنتظم في دينامية توزيع السلطة والأدوار بين الجنسين على جميع المستويات، فكيف يمكن للمرأة أن تتفرغ للعمل المنتج والمربح اذا كانت تصرف اكثر من ثلثي وقتها في الأعمال الرعائية غير مدفوعة الأجر وهنا يستحضرني قول قرأته منذ يومين ويعكس العبء الملقى على النساء والفتيات، والقول هو "يتوقعون أن تعمل النساء كما لو لم يكن لديها أطفال ، وان تربي الأطفال كما لو أنها لا تعمل".

وقالت: "وجودنا اليوم لنحيي معا يوم المرأة الريفية هو فعل تقدير واحترام للدور الذي تقوم به النساء في محافظة بعلبك - الهرمل، وهو مناسبة لنؤكد اصرارنا وقناعتنا بالاستمرار في حمل قضاياها المحقة، فمهما كبرت المعوقات وازدادت التحديات، سنبقى الى جانب المرأة والفتاة لنعمل معا حتى تحقيق ما هو الأفضل لها ولأسرتها، وكي تتمكن من التمتع بحرية القرار والاختيار، وبحياة خالية من العنف والتمييز. في المقابل أوجه دعوة للرجال والشباب سواء كانوا من رفاق الدرب، أو الإخوة أو والأبناء أو الزملاء ومن أصحاب القرار ان ينضموا الينا في هذه المسيرة، وأن يكونوا شركاء فعالين في خلق البيئة المساندة والداعمة لمشاركة أكبر للنساء من أجل احداث التغيير المنشود، إذ لن يكون تطور وتنمية ما لم نستثمر في المناطق الريفية، وما لم نستثمر في تحسين حياة النساء والفتيات فيها".