اعتبر وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال ​سليم جريصاتي​ ان الحكومة باتت في مربع التعقيد، بعدما لم يتجاوب الفرقاء المعنيّون مع مساعي وزير الخارجية (في حكومة تصريف الأعمال) ​جبران باسيل​ سواء دعوته لاعتماد المعيار الواحد، أو مؤخرا الطروحات التي وضعها على الطاولة لحل الأزمة، لافتا الى أنه في نهاية المطاف وفي ساعة من الساعات، من المفترض أن يبادر رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ من جديد لاتخاذ القرار المناسب والمتاح ميثاقيًّا ودستوريًّا لوضع حد للتعطيل الحاصل.

وذكّر جريصاتي في حديث لـ"النشرة" بالموقف الذي أطلقه الرئيس عون من بكركي، منبها من فرض أعراف وتقاليد جديدة في عملية تأليف الحكومة التي حصرها ​الدستور​ برئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، لافتا الى ان هناك دائما استحقاقات قد يؤدي اي سوء تدبير فيها او أي قرار يُتخذ بشأنها الى نشوء عُرف بالممارسة. واضاف: "​لبنان​ يخرج لأول مرة بتاريخه من انتخابات نيابيّة جرت على اساس النظام النسبي، وبالتالي اذا لم يتم الالتزام بنص الدستور الذي ناط عملية التشكيل برئيسي الجمهوريّة والحكومة المكلّف، وتم اعتماد أي طريقة او آلية أخرى للتأليف سنكون بذلك نؤسس لأعراف جديدة".

وأشار جريصاتي الى أنّ الاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلّف يجب أن يراعي عدالة التمثيل بين الطوائف وليس أيّ شيء آخر، وهذا ما نصّت عليه المادة 95 من الدستور، لافتا الى انه "من هناك كانت دعوة الوزير باسيل لاعتماد المعيار الواحد، خاصة بعدما بتنا في كنف مجلس نيابي انتخب وفق نظام نسبيّ، ما يتيح تشكيل حكومة وحدة وطنيّة، خاصة وأن المنطقة على مشارف الحلول الكبرى، وهي حكومة تحتّمها الأوضاع الاقتصاديّة والماليّة والخدماتيّة والاجتماعيّة، كما المستجدات على صعيد ملفات بحجم ملف ​النزوح السوري​ واللجوء الفلسطيني". وقال: "لكن للاسف هناك من قرأ مساعي الوزير باسيل الحميدة والتي كانت ستؤدّي الى ولادة سلسة وسريعة للحكومة على أنها محاولة لاقصائهم أو تحجيمهم، فما كان منه الا أن أوقف مسعاه هذا، وانصرف مؤخّرا الى مسعى تفاوضي لتسهيل الولادة، لكنه وللأسف مرة جديدة فسّروا حسن نيته على انها محاولة لتضخيم حجم تكتل "​لبنان القوي​" واضعاف الآخرين، لذلك لا أستغرب مبادرة الوزير باسيل مجددا لوقف مسعاه".

وتطرق جريصاتي للقمّة الاقتصاديّة المقرّرة في بيروت وربط البعض مصيرها بمصير الحكومة وبدعوة ​سوريا​، فاستهجن هذا الربط مشددا على ان ربطا مماثلا لا يمكن أن يُساق بوجه الرئيس عون ولا بوجه الوزير باسيل، واذا كان يتم سوقه بوجه رئيس الحكومة المكلف، فذلك يؤكد وجود خلاف حول موضوع سوريا بين مثلث حكم الأقوياء، لافتًا الى ان هذا الملفّ سيتم حسمه مع نضوج الظروف الاقليميّة. وقال: "لا أحد يستطيع أن يعيّر لبنان بموقفه وقراره، فهو وان كان غير قادر على دعوة سوريا الى القمّة التي يستضيفها، باعتبار ان الدعوة تصدر عن ​الجامعة العربية​ نفسها، الا انه مرحب بهذه الدعوة خاصة وأنه وبعكس باقي الدول العربيّة والخليجيّة لم يغلق يوما سفارته في دمشق، وأبقى على علاقاته الدبلوماسيّة والسياسيّة مع سوريا في أحلك الظروف".

وتحدّث جريصاتي عن "اقتران زماني ومكاني" أدّى لتحميل البعض الموضوع أكثر مما يحتمل، باعتبار أنّ القمّة تنعقد في بيروت بالتزامن مع تحوّل سوريا محطّ أنظار الأمّة العربيّة والخليجيّة، بعد مبادرة أكثر من دولة لاعادة فتح سفارتها في دمشق، كما بعد زيارة الرئيس السوداني عمر البشير التي أتت لا شك بضوء أخضر أميركي، وسيليها لا شك زيارات أخرى لرؤساء عرب. وقال: "أما موقف لبنان فواضح منذ البداية وقد عبّر عنه أكثر من مرة الرئيس عون والوزير باسيل، لجهة تأكيدهما أن توجيه الدعوة الى سوريا محصور بقرار من الجامعة"، لافتا الى "اننا بتنا على مشارف انهاء مقاطعة سوريا من قبل اخوانها العرب واعادة الاعتبار اليها، بعدما تم اصلا تعليق عضويتها في الجامعة العربية من دون اتباع الاصول، وبالقفز فوق المادة 8 من ميثاق الجامعة التي تقول باتخاذ أي قرار في هذا المجال بالاجماع".