في سياق مسار تعزيز العلاقة بين أركان المعارضة الدرزية، بعد حادثة الجاهلية التي أدت إلى مقتل محمد أبو دياب مرافق رئيس تيار "التوحيد العربي" الوزير السابق ​وئام وهاب​، يزور رئيس "​الحزب الديمقراطي اللبناني​" الوزير ​طلال أرسلان​ بلدة الجاهلية، يوم الأحد المقبل، حيث سيشارك في حفل إفتتاح حديقة باسم أبو دياب، كما سيكون له كلمة في المناسبة إلى جانب أخرى لوهاب.

وعلى الرغم من رمزية هذا الإحتفال، إلا أن المشاركة فيه من قبل أرسلان شخصياً، تعطي إنطباعاً بأن مشروع المعارضة الدرزية يسير قدماً، على عكس ما توقع الكثيرون عند بدء الحديث عنه، الأمر الذي بات يثير قلق رئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب ​وليد جنبلاط​، الذي يعتبر أن ما يحصل رسالة من الدولة السوريّة له.

في هذا السياق، تؤكّد مصادر مطلعة في "الحزب الديمقراطي اللبناني"، عبر "النشرة"، أن مشاركة أرسلان تأتي في إطار التأكيد على العلاقة مع وهّاب، والتي تصبّ في مصلحة الفريق السياسي الواحد، نافية ما يروج عن أن هذه العلاقة بوجه أحد أو تستهدف أيّ فريق سياسي.

وتشير المصادر نفسها إلى أن المشروع السيّاسي، الذي ينتمي اليه الحزب، انتصر على مستوى المنطقة، وبالتالي لا بد من ترجمة هذا الإنتصار في الداخل، وتؤكد أنّ المعارضة الدرزيّة هي جزء أساسي من هذا الداخل وهذا الخط.

بالتزامن، ترى هذه المصادر أن ​الطائفة الدرزية​ تعرضت، في السنوات السابقة، لتهميش كبير وتآكل حقوقها في الدولة، نتيجة التفرّد في القرار والأحاديّة والهيمنة التي شهدتها، وبالتالي كان لابدّ من كسر هذا النهج السائد، وتشدّد على ضرورة تشكيل إطار موحّد، يجمع فعاليات وشخصيات وأحزاب درزيّة سياسيّة ودينيّة وثقافيّة وغيرها، لبحث ما آلت إليه أوضاع الطائفة.

الواقع الجديد على مستوى الطائفة الدرزيّة بات يدفع العديد من القوى والشخصيّات المعارضة إلى رفع السقف عالياً، وهذا ما يظهر جلياً من خلال النبرة التي تتحدث فيها أوساط كل من "الديمقراطي اللبناني" و"التوحيد العربي"، مع العلم أنّ البعد الوطني والقومي لأيّ اتفاق أو لقاء قد يحصل سيكون قيد الدرس حكماً، بحسب ما تؤكد مصادر مقرّبة من الجانبين عبر "النشرة"، حيث تشير إلى أنّ جميع القوى المعنيّة بهذا التجمع معروفة ببعدها الوطني ومواجهة التقوقع وعدم الانفتاح الذي فرضه الواقع السابق.

وتشدّد هذه المصادر على وجود شبه إتفاق على العناوين الأساسيّة التي ستطرح في المرحلة المقبلة، أبرزها قضيّة إنماء قرى الجبل التي باتت في سلّم الأولويّات، حيث لا يمكن بعد اليوم السكوت عن التهميش الحاصل، وتؤكد بأن الزراعة وحدها لا يمكن أن تقوم بالجبل ولا أنْ تلبّي طموحات سكّنه المستقبلية.

بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر نفسها إلى أن ملفّ التعيينات، من الآن فصاعداً، سيكون قيد البحث، وتؤكّد أنّه سيكون هناك مواجهة لأيّ محاولة للقيام باتّفاقات مسبقة أو مخفيّة فيما يخص تلك التي تتعلق بالطائفة الدرزيّة، كما أنها تشدّد على أن واقع مشيخة العقل لن يبقى بعيداً عن الأضواء، وهو الأمر الّذي كان جنبلاط قد ألمح إليه، في الأيام السابقة، عبر الإشارة إلى ظرف تاريخي إستثنائي سمح بالخلاص من ثنائيّة المشيختين بعد أكثر من 60 عاماً، داعياً المرجعيّات إلى حماية هذا "الإنجاز".

من جانبها، تكشف مصادر في "التوحيد العربي"، عبر "النشرة"، أنّ إحتفال الأحد هو تأكيد على المرحلة الجديدة بالعلاقة بين أركان المعارضة الدرزيّة، لا سيّما بين وهّاب وأرسلان، وعلى توجيه هذه القوّة في إطار مشروع موحّد، وترى أن ما يحصل قد يؤسّس لحجر الأساس لمرحلة جديدة على مستوى الطائفة الدرزيّة، وتشير إلى أن التحضيرات لعقد لقاء جامع في دار خلدة يكون برئاسة أرسلان لا تزال قائمة.

في المحصّلة، يبدو أنّ القوى الدرزيّة المعارضة، لا سيما أرسلان ووهاب، جادّة في إستكمال مسار توحيد جهودها، التي بدأت تتماهى مع أخرى على مستوى بعض المرجعيّات الدينيّة، لكن السؤال يبقى عن مدى قدرتها على ترجمة الواقع الجديد عملياً.