في ذُروة "عاصفة" تحليلات الصحافة العبريّة والخبراء العسكريين "الإسرائيليّين التي انطلقت سريعا فور انتهاء مقابلة امين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله ليل السّبت الماضي للتوقّف عند رسائله التحذيريّة الواضحة لإسرائيل، ومحاولات "تشفير" ما تقصّد نصرُالله إبقاءه "الغازا" تحيّر قادة تل ابيب في نقاط حسّاسة كثيرة تتعلّق بالمواجهة القادمة، حطّ المبعوث الخاصّ للرئيس الروسي الى سورية الكسندر لافرتينيف في تل ابيب برفقة نائب وزير الخارجيّة سيرغي فيرستينين على وقع تهديد ايراني لإسرائيل أعقب مباشرة اطلالة نصرالله، اطلقه امين مجلس الأمن القومي علي شمخاني، اكّد من خلاله وصول سلاح جديد من الصواريخ عالية الدقّة الى ايدي المقاومين في لبنان وغزّة "للرّد على ايّة حماقة ترتكبها "اسرائيل"، في وقت بدا لافتا توقيت زيارة المبعوث الخاصّ للرئيس الرّوسي الى تل ابيب، بعد ايام فقط على انتهاء زيارة وفد عسكري روسي رفيع المستوى اليها، ما رسم علامات استفهام حول "مكنونات" الإجتماعَين المتلاحقَين بين الجانبَين، سوى ما رشح عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، من انه جرى التنسيق بينهما حيال منع ايّ احتكاك بين الجيشين في سورية، في مقابل بعض المعلومات الصحافيّة الروسيّة المواكبة، التي كشفت احداها عن "تبليغ" اوصله لافرتينيف من الرئيس بوتين الى نتنياهو "بضرورة اخذ تهديدات نصرالله على محمل عال من الجدّية"، فيما ذهبت اخرى للكشف عن "امور خطيرة مستجدّة" تتعلّق بإسرائيل قادت الموفد الرّئاسي الروسي للقاء نتنياهو.

حركة روسيّة لافتة تأتي بُعيد ايام على العدوان الإسرائيلي المزدوج على سورية، والذي آثر نتنياهو من خلاله توجيه رسائل بالجملة الى الحلفاء والأعداء والداخل الإسرائيلي دُفعة واحدة عشيّة التحضّر لانطلاق مؤتمر وارسو المُزمع ضدّ ايران. رسالة تُفيد بأنّ "اسرائيل" تستطيع ان تكون "القوّة الضّاربة" لهذا الحلف ضدّ العدوّ المشترك، واخرى باتجاه الحليف الأميركي "الأوثق" بقيادة دونالد ترامب الذي وجّه صفعة قويّة لتل ابيب من خلال قرار سحب القوات الأميركية من سورية إرتجاليّا دون العودة الى الحلفاء، وحيث تتوجّس "اسرائيل" من "مزاجيّة" حليفها وترتيب اولويّاته "الرّقميّة" خارج طوحاتها ضدّ ايران، كما الى الداخل الإسرائيلي على وقع بدء العدّ العكسي للإنتخابات "الإسرائيليّة" المُرتقبة في شهر نيسان المقبل.. وعليه..

اختار الأمين العام لحزب الله "توقيت" اطلالته الأخيرة وتمرير رسائله الناريّة الى الرؤوس الحامية في تل ابيب، في وقت لا زالت أصداء التهديد السوري غير المسبوق لإسرائيل، الذي وجّهه مندوب سورية لدى مجلس الأمن الدولي د. بشار الجعفري بالرّد بالمثل على استهداف مطار دمشق، بقصف مطار تل ابيب، تتردّد بقوّة داخل الأروقة الأمنيّة والإستخباريّة الإسرائيليّة، وآخر ايراني اكّد واقعة الصواريخ الدقيقة، وما بينهما ردّ على "زوبعة" رسائل التهديد الإسرائيليّة التي حملها موفدون فرنسيّون الى لبنان تحذّر من ضربات اسرائيليّة على لبنان قُبيل شهر نيسان المقبل، من انّ اي استهداف لأيّ مقاوم في حزب الله سيُعتبر من جانب الحزب اعلان حرب، قبل ان تُحذّر فصائل المقاومة الفلسطينيّة في غزّة، قادة "اسرائيل" بردّ قاس على اي عدوان على القطاع، وانها لن تسمح لتل ابيب بتغيير قواعد الإشتباك مع المقاومة!

.. مشهدٌ يؤشّر الى ردّ استباقي مُنسّق بادر اليه جميع اطراف محور المقاومة في وجه "أمر ما" تُحضّره "اسرائيل"، سيّما انّ هذه التهديدات الجماعيّة واكبها تجهّز الآلاف من مقاتلي الحشد الشعبي العراقي بانتظار "ساعة صفر" تجاوز الحدود العراقيّة باتجاه الداخل السوري، للإنضمام الى قوّات الجيش السوري وحزب الله في اطلاق معركة ضدّ تنظيم "داعش"..الا انّ موقع "ديبكا" الإستخباري "الإسرائيلي"، شكّك في ارتباط هذه القوات بمعركة ضدّ التنظيم، معتبرا انّ دخول الاف المقاتلين الموالين لسورية وايران وحزب الله الى الأراضي السوريّة، سيكون اوّل معضلة عسكريّة تواجه رئيس الأركان الجديد في الجيش الإسرائيلي، ومرجّحا "حدثا عسكريّا جديدا بمقبل الأيام في سورية قد يُغيّر مجرى الأمور في الشرق الأوسط!

وفي حين يبدو انّ نتنياهو بحاجة ماسّة الى استباق نتائج الإنتخابات القادمة والهروب من تُهم الفساد التي تطوّق عنقه الى الأمام عبر "استعراض عسكري خارجي" ضدّ العدوّ يُعيد الإلتفاف الشعبي حوله، بدا لافتا التحذير الذي وجهه مدير الاستخبارات الاميركية دان كوتس يوم الاربعاء الماضي الى اسرائيل، من مغبّة معاودة تسديد ضربات ضدّ سورية تجنّبا للرّد المضاد، "والإنتقام الأيراني بمعيّة سورية"!

توعّد نتنياهو عقب عدوانه الأخير على سورية ب" تكثيف" هجماته عليها اذا اقتضى الأمر، فيما ذكر موقع "والاه" العبري عشيّة وصول الموفد الرئاسي السوري الى تل ابيب يوم الثلاثاء الماضي، انّ نتنياهو سيُبلغه انّ الجيش الإسرائيلي سيُواصل العمل " بحُرّية" في سوريا!.. في وقت سارع قادة جيشه سريعا فور سماع تهديدات المندوب السوري من على منبر مجلس الأمن تطال مطار تل ابيب، الى نشر القبّة الحديدية في محيطها وجنوب الكيان وإصدار "الرقم 8 " الذي يتمّ بموجبه استدعاء جنود الإحتياط في الجيش الإسرائيلي -وفق ما اكّد موقع "ديبكا" الإستخباري، كاشفا "انّ تل ابيب نشرت ايضا ثماني منظومات من نوع "ثاد" في محيط كل مدينة، واربعة في داخلها"!

لعلّ نتنياهو وباقي صقور فريقه في تل ابيب، بحاجة الى تبريد رؤوسهم الحامية، سيّما بعد رُزمة تهديدات محور المقاومة، والتوقف مليّا عند كلام رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل ابيب الجنرال عاموس يادلين، حين وجّه بدوره تحذيرا الى قادة تل ابيب قائلا:" في المواجهة القادمة قد نفقد طائرات"! تحذير غير مسبوق من داخل الكيان الإسرائيلي استُبق بآخر لا يقلّ سخونة مرّره رئيس مجلس الأمن القومي السابق الجنرال يعقوب عميدرور وفيه: " سورية تمتلك صواريخ تصل الى مطار تل ابيب، كما مضادّات للطائرات قادرة على ضرب المقاتلات "الإسرائيليّة" وهي تُقلع من المطار المذكور"

ما يستدعي التوقّف عنده هنا، يكمن بتزامن تحذيرَي الجنرالَين الإسرائيليَّن مع معلومات مرّرها ضابط سابق في جهاز الإستخبارات البريطانية لم يُحدّد اسمه –نقلا عمّا اسماه "مصدر موثوق" في صحيفة اندبندنت، ومن مصادر صحافيّة روسيّة واكبت زيارة الموفد الرئاسي الروسي الأخيرة الى تل ابيب، لفت خلالها الى "تصلّب" ابداه نتنياهو ازاء "تحذيرات روسيّة عالية الجدّية" اوصلها لافرتينيف للأخير، بضرورة ايقاف ايّ عمل عدائي استفزازي ضدّ سورية في هذا التوقيت تحديدا، مرجّحا ان يبادر نتنياهو للرّد على تهديدات نصرالله دون تأخير، ليُثبت للرأّي العام "الإسرائيلي" انه القائد القوي الذي لا تهزّه تهديدات "العدوّ"، وليُبيّن لهذا "العدوّ" انه لا يأبه ولا يثق ب "جدّية" تهديداته،عبر ضربات صاروخيّة جديدة باتجاه سورية قد تنحو هذه المرّة نحو درجة "الإستفزاز الخطير". ويضيف: " كالعادة لن تجرؤ المقاتلات الإسرائيليّة على دخول اجواء سورية، على الأرجح ستتسلّل كالمعتاد من خلف سلسلة جبال لبنان الشرقيّة لتسديد ضرباتها من على علوّ منخفض كي تتجنّب رصد رادارات الدفاعات الجويّة السوريّة..ولكن، على نتنياهو توقّع "حدث خطير" هذه المرّة خارج حساباته، يتمثّل ب "كمين" غير مسبوق قد يكون تمّ تجهيزه بالفعل بانتظار مقاتلاته في اجواء لبنان.. حسب اشارته!