بعد ايام من إعلان ولادة ​الحكومة​ الاولى لعهد ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ بعد ​الانتخابات​ النيابية، وفي خضم الورشة "البديهية" والدستورية و"الاحتفالية" ليبدأ ​مجلس الوزراء​ الجديد مهامه رسمياً بعد انجاز ​البيان الوزاري​ ونيل الثقة، افرزت التركيبة الحكومية ​الجديدة​ معادلات سياسية جديدة لم تكن موجودة مسبقاً وقد تشكل فيما بعد بداية لمرحلة جديدة وفق ما يؤكد سياسي بارز في تحالف ​حركة امل​ و​حزب الله​.

واذا كانت من مميزات الحكومة الجديدة كسر الآحاديات المذهبية والطائفية للتمثيل داخل الطائفة الواحدة وعدم بحصرها بجهة او حزب واحد فإن ثبات تحالف حركة امل وحزب الله وقوى ​8 آذار​ في وجه كل التهديدات والاعاصير والحصار والتهويل كان واضحاً في تكريس الحضور السياسي الداخلي والفاعل للثنائي الشيعي ويشكل بداية تموضع حزب الله الداخلي من بوابة ​مكافحة الفساد​ وقطاع الخدمات عبر تولي ​وزارة الصحة​.

في الجانب السني نجح تحالف امل وحزب الله و8 آذار في كسر آحادية التمثيل السني المتمثل ب​تيار المستقبل​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بعد ان كان محصوراً فيه وبمناطق محددة. وعلى غرار ​الانتخابات النيابية​ الاخيرة، صار هناك نواب سنة خارج تيار المستقبل في صيدا و​بيروت​ و​طرابلس​ و​البقاع الغربي​. وبعد ان كان التمثيل السني الوزاري محصوراً بتيار المستقبل في طرابلس وبيروت والبقاع الغربي، صار للمعارضة السنية ممثل وزاري ايضاً في البقاع الغربي.

ويتابع السياسي، في الجانب الدرزي وبعد ان كان التمثيل الدرزي محصوراً ب​الحزب الاشتراكي​ والنائب السابق ​وليد جنبلاط​ نيابياً ووزارياً، صار هناك ممثلون للدروز خارج الاشتراكي نيابياً ووزارياً ومن دون رضى جنبلاط او موافقته الضمنية التي كانت تعترف بثنائية درزية مع الحزب الديمقراطي ال​لبنان​ي ورئيسه الامير ​طلال ارسلان​، فأتت الانتخابات بارسلان نائباً بتحالف مع ​التيار الوطني الحر​ و​الحزب القومي​، كما اتى ممثل وزاري لارسلان عبر الوزير ​صالح الغريب​ ليكسر السطوة الجنبلاطية على المقاعد الوزارية الدرزية.

وعلى المستوى المسيحي والماروني، يؤكد السياسي ان تحالف امل وحزب الله نجح في الحفاظ على علاقته بالرئيس عون والتيار الوطني الحر ورئيسه الوزير ​جبران باسيل​ وهي علاقة استراتيجية وسياسية متميزة وثابتة وخصوصاً من جهة حزب الله الذي كرس مرة جديدة متانة تفاهم ​مار مخايل​، فلم يخرج حليفاه الرئيس عون والوزير باسيل الا رابحين من ​تشكيل الحكومة​ والتمثيل الواسع لهما مع تطعيم حصتهما بالوزيرين "الملكين" صالح الغريب و​حسن مراد​ وهما يشكلان امتداداً للتحالف مع محور ​المقاومة​ وحزب الله وضلعيه الاساسيين ​سوريا​ و​ايران​، ورغم ذلك حافظ حزب الله وامل على الحضور الوازن للحليف الماروني والوطني للنائب السابق ​سليمان فرنجية​ عبر وزارة خدماتية اساسية كالاشغال وفي هذا الحضور لفرنجية حفاظ على حليف ماروني قوي وعروبي وكسر لاحتكار المسيحيين و​الموارنة​ بحزبي التيار و​القوات​.

وعلى المستوى الشيعي يؤكد السياسي ان رغم الحصة المتواضعة عددياً لتحالف حركة امل وحزب الله وكل التسهيلات التي قدمت لانجاز الحكومة مبكراً وبعد الانتخابات في ايار الماضي مباشرة والقبول بستة مقاعد وزارية للثنائي الشيعي ومقعد للمردة وآخر للقاء التشاوري علماً ان حجم تحالف 8 آذار يستحق 10 وزراء لـ45 نائباً، الا ان الثنائي الشيعي كرس حضوره في القرار السياسي والدستوري والميثاقي وساهم في ولادة الحكومة. فالثنائي الشيعي وعبر حفاظه على ​وزارة المالية​ نجح في إبقاء ​الطائفة الشيعية​ مساهمة في القرار المالي والسياسي للبلد وشريك فاعل وله حضور وطني وليس تابع او في الواجهة الخلفية والشراكة في التوقيع الثالث لا تعني المثالثة او كسر ​الطوائف​ الاخرى كما يزعم البعض خبثاً. ويتابع السياسي كرس ايضاً الثنائي الشيعي وعبر مطالبته بتمثيل حلفائه وخصوصاً حزب الله ان لا حكومة من دون حلفائه الذين يستحقون التمثيل جميعهم وفق نتائج الانتخابات وخصوصاً ​الدروز​ و​السنة​ و​المردة​ وهذا "الفيتو" يؤكد شراكة الطائفة الشيعية في تركيبة السلطة والبلد بالمعنى السياسي وليس الدستوري مع تأكيد ان قرار التوقيع الدستوري على تأليف الحكومة هو لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف. فالحكم التوافقي يفترض التوافق بين جميع المكونات وليس غلبة فريق على لآخر او طائفة على اخرى.

وفي ظل العقوبات الاميركية المتصاعدة على حزب الله ولبنان والتهويل بمزيد من العقوبات ووضع فيتو على مشاركة حزب الله في الحكومة وفي وزارة الصحة وتصاعد اللهجة العدوانية الصهيونية تجاه لبنان والمقاومة وزعم رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ان حزب الله يسيطر على حكومة لبنان، يؤكد حزب الله ومعه الرئيس ​نبيه بري​ انهما مكونان اساسيان في هذا البلد ولا يمكن عزلهما او تهميشهما وان تولي حزب الله لوزارة الصحة عبر طبيب غير حزبي فيه الكثير من المنفعة والاداء السليم والمنتج كأي وزير آخر ومن طائفة وحزب آخرين كان سيتولاها وبالتالي كل هذا التهويل والتهديد لا يصرف ولا يمكن تقريشه لبنانياً مع وجود قناعة عبر عنها رئيس الحكومة سعد الحريري ان هذا الامر لا ينجح ولن يعدل في التركيبة الداخلية اللبنانية كما عبر منذ يومين خلال عودته مرة جديدة الى السراي كرئيس حكومة اصيلاَ.