بما أنّ الوقت مخصص الآن للنواب لمخاطبة "دولة الرئيس"، خلال جلسة مناقشة ​البيان الوزاري​ لإعطاء الثقة للحكومة ​الجديدة​، فإن المواطن يحق له أن يخاطب "دولة الرئيس" عن بُعد لشرح هواجسه، وهو الذي يشاهد "أصحاب السعادة" يتبارون في تشريح الازمات المعيشية والاقتصادية في ​لبنان​.

يا دولة الرئيس، إن عددا من الوزراء هم انفسهم يتنقّلون من حكومة الى حكومة منذ سنوات، لا بل ان كتلهم السياسية هي ذاتها التي تحكم منذ عقود، فكيف يمكن ان يثق المواطن بوزراء مجرّبين؟ وبكتل سياسية شكلت عصب الحكومات منذ عام 1992؟

ألم يحصل التدهور يا "دولة الرئيس" بعهد تلك القوى الحاكمة؟ ألم تحصل التجاوزات والتوظيف العشوائي بعيدا من ​الكفاءات​، والسمسرات في عهد القوى التي حكمت منذ اقرار ​اتفاق الطائف​ حتى اليوم؟

اذا كان الكل يسعى ل​محاربة الفساد​، وقد عقد النية والعزم، فمن يبقى الفاسد اذا يا "دولة الرئيس"؟ هل الشعب هو الفاسد؟ أمّ ان وزراء وموظفين كبار محسوبون على القوى السياسية ذاتها، هم الذين راكموا الثروات، وجنوا الأموال، او غضوا النظر بأفضل الاحوال؟

يا "دولة الرئيس"، ان نواباً رفعوا سقوف خطاباتهم في المجلس، وارادوا الايحاء للشعب انهم مثال السياسيين الصالحين، فهل اخبرونا عن مصادر ثرواتهم الهائلة، وهم لم يرثوا املاكاً، ولا كانوا تجارّاً ولا امتلكوا مصانع وشركات عابرة للقارات؟.

يا "دولة الرئيس"، كيف يمكن ان يعوّل الشعب على قوى سياسية لا تجد الاّ وزيرين او ثلاثة او اربعة فقط، يمثلون حزباً او حركة او تيار او مجموعة، منذ عقود؟ الا يُنتج المذكورون شخصيات كفوءة تحمل اندفاعة ​الشباب​ في التغيير؟.

وكيف يوحي النواب بالثقة للناس، وهم انفسهم نوابّ منذ خمس او اربع او ثلاث دورات متتالية؟

الم يكن ممكناً تغيير ممثلي الشعب يا "دولة الرئيس"، بدل تكرار الوجوه غير الناجحة، لا في ​السياسة​، ولا في التشريع؟

فهل يمكن اخبارنا عن انجازات نواب لا نعرف الاّ اسماءها بفعل وجودها الطويل، ونجاحها في ​الانتخابات​ بفضل زعيمها، لا بفضل قدراتها.

ثم يا "دولة الرئيس"، كيف نعوّل على محاسبة نيابية لحكومة هي صورة مستنسخة عن ​مجلس النواب​؟ وهل يحاسب الفرد نفسه؟.

هم انفسهم كتبوا البيان الوزاري، وتسابقوا انفسهم لمناقشة هذا البيان على الهواء؟ اليس في الأمر استخفاف بعقول اللبنانيين؟.

يا "دولة الرئيس" الشعب يئن، وليس مستعدا لتحمّل اي ضرائب جديدة اضافية، فلتذهبوا لوقف الهدر، ومنع "الكبار" من التهرب الضرائبي، ومكافحة التهريب، وترشيد الإنفاق.

الشعب يا "دولة الرئيس" وصل الى مرحلة الكفر بالسياسيين، ونخشى ان يكفر بالبلد.

ان كل الثورات التي حصلت عبر التاريخ، كانت ولا تزال تنطلق من الحرمان، واذا كنتم تعوّلون على الطائفية او المذهبية سبيلا لاجهاض اي حراك، فإن نسبة اليائسين تفوقّت على نسبة المخدوعين بأي خطاب او ترهيب طائفي ومذهبي.

يا "دولة الرئيس"، القصة طويلة. لكن انتم تعرفون كل الخبايا، فلقد آن الأوان لتلبية متطلبات الشعب.

والاّ الحذر الحذر... يا "دولة الرئيس".