عاد وزير شؤون النازحين ​صالح الغريب​ الى لبنان بجرعة دعم سوريّة لم يكن على الارجح يتوقّعها بهذا الحجم. فهو الذي زار دمشق مطلع الاسبوع لجسّ النبض وتهيئة الأرضية فوجىء بمدى الايجابية السورية في التعامل مع ملف النازحين. اذ أنه وبحسب المعلومات، فقد كان الرد السوري على استفسارات الوزير اللبناني: قبل ما تُطلبوا موافقين! وقد حمل الغريب هذه الرسالة الى رئيسي الجمهورية و​الحكومة​ اللبنانيين، قائلا لهما: "نحنا منطلب ونحنا منوافق".

لا شك أنّ الموقف السوري قد يكون مستغربا للبعض، خاصة ممن اعتقدوا أن السوريين لن يفوتوا فرصة لردّ الصاع صاعين لقسم كبير من اللبنانيين الذين وقفوا في صفّ المعارضة بمواجهة النظام طوال السنوات الماضية، الا أن مصادر في قوى 8 آذار توضح ان الموقف السوري الايجابي والذي يُعبر عن تعاون مطلق بملف النازحين، "انما هو اشارة للسياسة السورية التي ستُتبع في المرحلة المقبلة بالتعاطي مع الدولة اللبنانيّة، لا مع كل الفرقاء والقوى في لبنان"، "فمدّ اليد للدولة شيء ولكل القوى شيء آخر، خاصة وأن دمشق تعتبر اليوم أنها تتعامل مع حكومة لبنانيّة حليفة لها وان كان يرأسها ​سعد الحريري​، لقناعتها أن القسم الأكبر من مكوّناتها من حلفائها، وبالتالي فهي تتجه لفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين وان كان على قاعدة الاّ يكون الحريري في الواجهة".

وتؤكد المصادر أن رئيس الحكومة الذي كان في جوّ زيارة الغريب الى ​سوريا​ عبّر عن ارتياحه لما سمعه من وزير النازحين لدى عودته، وقد تمنّى عليه الاستمرار بمعالجة الملفّ من دون ضجيج، أيّ بمعنى آخر من دون احراجه، خاصة وأن حلفاء الحريري السابقين، أي ​القوات اللبنانية​ و​الحزب التقدمي الاشتراكي​ لن يتوانوا عن محاولة حشره في الزاوية من خلال اثارة الموضوع في كل مناسبة".

ويبدو أن ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ كان حاسما خلال ترؤسه أول جلسة عمل للحكومة يوم أمس، بحيث أنه، وبحسب المعلومات، لم يفتح مجالا لاعتراضات عدد من الوزراء سواء على زيارة الغريب او على بعض تصريحات وزير الدفاع. وتشير المصادر الى ان "​السياسة​ التي اتّبعها الرئيس عون في هذا المجال نسّقها مع الحريري، لا سيّما وأنهما متفقان منذ فترة على وجوب قطع الطريق أمام ايّ محاولة لعرقلة العمل الحكومي، وحصر جلسات ​مجلس الوزراء​ باتخاذ القرارات المرتبطة بمواجهة التحدّيات الاقتصادية واثارة الملفات التي على تماس مباشر بشؤون اللبنانيين، مع وجوب استبعاد ايّ سجال لا طائل منه".

ولا شك أن زيارة الغريب الى سوريا ستُستتبع قريبا بزيارات أخرى وكثيرة، على ألاّ ينحصر حل ملف النازحين بشخصه انما يساعده فيه وزير شؤون ​رئاسة الجمهورية​ ​سليم جريصاتي​ ومدير عام ​الأمن العام​ ​اللواء عباس ابراهيم​. وتشرح المصادر أنه "خلال الزيارة الاولى للغريب تمّ مدّ القنوات مجددا بين البلدين، على ان يُعمل في جولات المشاورات اللاحقة على اقرار خطة متكاملة وآلية جديدة لتسريع العودة، علما بأنّ حلّ الملف لن ينحصر بالطرفين اللبناني والسوري بل سيطال بشكل اساسي مفوضيّة ​اللاجئين​ التي سيتم ممارسة الضغوط اللازمة عليها لتقديم الحوافز اللازمة للنازحين للعودة الى بلدهم".

بالمحصّلة، يبدو واضحا ان قطار العمل الحكومي انطلق على قاعدة وجود فريق منتصر سيستثمر انتصاره بآدائه الحكومي، على ألا يكون امام الفريق الخاسر إلاّ التعامل مع الأمر الواقع أو الاعتذار عن استكمال المشوار ومغادرة ​القطار​ عند أول محطة.