أشارت صحيفة "الخليج" الاماراتية في افتتاحيتها الى أن "​العالم​ يقف أمام مرحلة جديدة من الصراع تحاول فيها ​الولايات المتحدة​ تأكيد هيمنتها على النظام العالمي، والسعي إلى لجم أطراف دولية أخرى مثل ​روسيا​ و​الصين​، عن أن يكونوا شركاء في هذا النظام"، مشيرة الى أننا "نرى ​البيت الأبيض​ يتملّص من كل الاتفاقات الدولية، ويسعى أيضاً إلى إضعاف المنظمات الدولية، ويضع على رأس مؤسسات القرار الأمريكية عتاة المتطرفين والمتعصبين المعادين لمبدأ التعاون والشراكة، من منطلق الاستئثار بالقرار، ومحاولة فرضه بالقوة على الحلفاء والشركاء".

ولفتت الى أن "​الإدارة الأميركية​ الجديدة التي تضم الرئيس ترامب، ونائبه مايك بنس، ومستشاره للأمن القومي ​جون بولتون​، ووزير خارجيته بومبيو، ومستشاره وصهره ​جاريد كوشنر​، وغيرهم من أركان البيت الأبيض الذين تم اختيارهم لتنفيذ شعار: "​أميركا​ أولاً"، مشيرة الى أن "هذه الإدارة تتعمد العبث بكل ما كان قائماً من معاهدات واتفاقات ثنائية أو إقليمية أو دولية، من أجل وضع قواعد جديدة للعلاقات الدولية، تقوم على هندسة سياسات الدول وفقاً لمصالحها ورؤيتها، من دون اعتبار لمصالح الآخرين"، مضيفة: "هي تفعل ذلك مع الحلفاء الأوروبيين، ومع روسيا والصين، ومع دول أميركا اللاتينية، ومع ​الدول العربية​، وفي ما يتعلق بملفات منطقة ​الشرق الأوسط​"، ومؤكدة أن "الولايات المتحدة تسعى إلى تثبيت منطق الهيمنة والسيطرة بوسائل لا تتلاءم ومنطق العلاقات الدولية؛ بل تتناقض مع القانون الدولي، وهي من أجل ذلك تعمد إلى توتير علاقاتها مع دول العالم، لعلها تُجبر الآخرين على القبول بهيمنتها والرضوخ لإرادتها، باعتبارها الزعيم الأوحد للنظام العالمي".

ورأت أن "المنطق الأميركي الذي يعتمده صقور البيت الأبيض، ك​سياسة​ قائمة، يجد رفضاً عالمياً واسعاً؛ لأنه لا يأخذ في الاعتبار أن القوة الأمريكية باتت محدودة، وأن هناك قوى أخرى صاعدة باتت تُجاري الولايات المتحدة اقتصادياً وعسكرياً، وبالتالي لن تسمح لها بالتفرد والهيمنة"، مضيفة: "لذا نلمح بوادر صراع حقيقي بين الولايات المتحدة وروسيا والصين و​أوروبا​، وحتى مع بعض دول أميركا اللاتينية، أخذ أشكالاً مختلفة مثل العقوبات الاقتصادية، والحرب التجارية، والحصار والابتزاز، والتدخل في الشؤون الداخلية، والسعي إلى تغيير الأنظمة التي تناهض السياسات الأميركية"، مشيرة الى أنه "لعل القرار الأميركي بتعليق العمل باتفاق ال​صواريخ​ النووية قصيرة ومتوسطة المدى، المبرم مع الاتحاد السوفييتي السابق عام 1987، هو مؤشر واضح على نوايا واشنطن بغسل أيديها من الاتفاق لبدء سباق تسلح جديد، بحجة أن روسيا تنتهك الاتفاق، ومن دون أن تتبين من تأكيدات ​الكرملين​ بالالتزام به"، ولافتة الى أن "روسيا التي أكدت بلسان الرئيس بوتين، عدم استعدادها لبدء سباق تسلح مع الولايات المتحدة، وأنها لا تسعى للمواجهة ولن تبادر بنشر صواريخ رداً على قرار واشنطن، لكنها وجهت تحذيراً مباشراً بأنه في حال نشرت الولايات المتحدة صواريخها في أوروبا، فعلى صناع السياسة الأميركية حساب المخاطر قبل أي خطوة؛ إذ إن الرد سيكون حازماً"، ومشددة على أن "القرار الأميركي له معنى وحيد، وهو الذهاب إلى سباق تسلح جديد، بما يتجاوز الحرب الباردة، والرد الروسي له معنى وحيد، وهو الرد بالمثل؛ أي أن العالم يقف على مفترق طرق إذا استمر الجنون الأميركي".