عَقد عضو "تكتُّل ​لبنان​ القويّ" النَّائب ​نقولا صحناوي​ مؤتمرًا صحافيَّا بِدايَة آذار الجاري في مجلس النُّوَّاب، تَناول فيه اقْتِراح القانون الَّذي قدَّمه إِلى المَجْلس النِّيابيِّ، والرَّامي إِلى تَعْديل مَناهج التَّعليم العامّ ما قبل الجامعيِّ، وإِدْخال مادَّة البَرْمجة والرُّوبوتيك والذَّكاء الاصْطِناعيّ.

وكُنَّا نَتمنَّى أَنْ تَصْدر المُلاحَظات والآراء المُتنوِّعة في هذا الشَّأْن عن المَعْنيِّين بالأَمْر التَّرْبويِّ وأَهْل الاخْتِصاص، لا أَنْ يَبْقى اقْتِراحُ القانُون في أَدْراج المَجْلس النِّيابيِّ، أَو في أَحْسن الأَحْوال في طَريقِه إِلى النِّقاشات... فإِنَّنا في جَمعيَّة "جائِزة الأَكاديميَّة العربيَّة" نَجِد نَفْسنا معنيِّين بمُواكبة مَسار هذا القانون، إِيْمانًا منَّا بِجَدْواه التَّربويِّ التَّكامُليِّ مِن ناحية، ولأنّه يُحاكي ويُجسِّد تَطلُّعاتنا إِلى تَرْبيةٍ حديثةٍ تُماشي العَصْر ولا تُشكَّل انْفِصامًا تجاهَه، مِن ناحيَةٍ أُخرى.

كما وتُؤْمن "جائِزة الأَكاديميَّة" بما ذكره صَحْناوي في مُؤْتمرِه الصِّحافيّ، عن أَنَّ "العالَم يتغيَّر والمُواطِنين يَشْعرون بِذَلك في حياتِهم اليوميَّة، وعدَم مُواكبَة التَّطوُّرات العالميَّة يَعْني أَنَّ القِطار قد فاتَنا"، وعَن أَنَّ "اقتِصاد الغَد هو اقْتِصاد المَعْرفة".

وكذلك فإِنَّ من النَّوادر في العَصْر الحَديث أَنْ يُرْفع اقْتِراحٌ تَرْبويٌّ على هذا النَّحو مِن الجديَّة والعُمْق والنَّظْرة الشَّامِلة إِلى واقِع التَّرْبية في لُبْنان العالِق بَيْن سماء التَّطوُّر الرَّحب في كلِّ المَجالات، وأَرْض الواقِع المَشْدودة إِلى لَفْت الأَنْظار إِلى الحُقوق المُقدَّسة للعامِلين في الرِّسالة التَّربويَّة، من دون التَّرْكيز في المُقابل على حُقوق أَبْنائِنا المُتعلِّمين عَلَيْنا، وهي مُقدَّسةٌ بِدَوْرها... فماذا يُفيدُ أَنْ تَسْتَثْمر الدُّول المانِحة في التَّعْليم عِنْدَنا، إذا لم نَمْضِ نَحْن في تَطْوير هَذا القِطاع المُسْتَقْبليِّ؟.

لِذا فَمِن واجِب كلِّ معنيٍّ بالتَّرْبية في لبنان –وكلُّنا مَعْنيُّون– أَنْ نُواكِب مَسيرة هذا الاقْتِراح انْطِلاقًا مِن لَجْنة التِّكنولوجيا، مُرورًا بِلَجْنة التَّرْبية ومِن ثَمَّ اللِّجان المُشْتَركة، على أَمل الوصول السَّليم إِلى النِّهايَة السَّعيدَة عَبْر إِقْرار الاقْتِراح في الهَيْئة العامَّة!.

ولا ضَرَر في التَّظاهر دَعْمًا له، لِنَقول إِنَّنا تَظاهرْنا هَذه المرَّة تَأْمينًا لتَرْبيةٍ حَديثَةٍ يَسْتَحقُّها أَبْناؤُنا المُتفوِّقون في أَكْثر من مجالٍ...

كما ونُثْني على ما قالَه النَّائب نديم الجميِّل في هذا الإِطار، عن أَنَّ صَحْناوي "بدَأ المَسار بطريقةٍ صحيحةٍ، لأَنَّ البِداية هي في المَدارس"، وكذلك في قَوْل الجميِّل: "يَجِب إِيْصال أَكْبر عددٍ مُمْكن من القَوانين لتَطْوير القِطاع، إِذ إِنَّنا في حاجةٍ إِلى بيئةٍ تشريعيَّةٍ حاضِنَةٍ لهذه القَوانين وإِلاَّ فلَن نَتطوَّر".

وكذلك نُثْني على ما جاء في كَلام الوَزيرة عِناية عزِّ الدِّين في المُؤْتمر، لناحيَة تَشْديدِها على "تَحْضير المُتَعلِّمين وبِناء ثَقافةٍ مُجْتمعيَّةٍ في هذا الإِطار"، وبذلك تَكون المُواكَبةُ العَملانيَّةُ الضَّروريَّة لِهذا الاقْتِراح السَّائر في المَسالِك التَّشريعيَّة!.

ولا بدّ تزامنًا، مِن اتِّخاذ "القَرار السِّياسيِّ، بِتَأْمين البُنى التَّحتيَّة الضَّروريَّة، للشُّروع في تَطْبيق القَوانين الَّتي تَخْتَصُّ بالتِّكْنولوجيا"، على ما قالَت عزِّ الدِّين.

كما وتَكْمن أَهميَّة الاقْتِراح، في الاسْتِشْهاد بِبراهين وحِجَجٍ، تَدْعم الحاجَة المُلحَّة إِلى تَطْوير النِّظام التَّرْبويّ في لُبْنان، ومِنْها أَنَّ "النَّقْلة النَّوْعيَّة الَّتي حقَّقتْها مثلاً دول الشَّرْق الأَدْنى خِلال العُقود الثَلاثة الَّتي خَلَت، ما كانَت لتَحْصل لو لَمْ تُعْطَ العُلوم والتَّكْنولوجيا الأَهميَّة الَّتي تستحقُّ في سياستها الوطنيَّة وفي مناهِج هذه الدُّول التَّربويَّة"... كما وبالتَّذكير أَنَّ الأُمَم المُتَّحدة قد وَضَعت أَهْداف التَّنْمية المُسْتدامة لعام 2030 والَّتي تُشجِّع "الابْتِكار وتَطْوير نَوْعيَّة التَّعليم"... وكذلك في تَشْديد الاقْتراح المَرْفوع من النَّائب صحناوي، على وجوب "اسْتِبْدال مادَّة المَعْلوماتيَّة الوارِدة في مَناهِج التَّعْليم العامِّ ما قبل الجامعيِّ، بمادَّة البَرْمَجة الرَّوبوتيك والذَّكاء الاصطناعيِّ"، في وقتٍ تُطالِعُنا يوميًّا وسائلُ الإِعْلام النَّاقلة أَخْبار دُوَل الشَّرْق والغَرْب المُتطوِّرَة، بِعَشرات الأَخْبار عَن مُنْجَزات هَذه الدُّوَل في مَجال الذَّكاء الاصْطِناعيِّ...