رغم كل الأقاويل والإدعاءات بضرورة وحدة الصف السني في المرحلة الراهنة، أثر إصدار المجلس الدستوري قرار الطعن بنيابة ديما جمالي، غير أن إستعجال الرئيس سعد الحريري، بإعادة تسمية مرشحة التيار الأزرق عن المقعد السني المطعون به في طرابلس، من دون إجراء أي مشاورات، مع القوى الطرابلسية، بمن فيهم حلفائه، وحتى أعضاء تياره، ترك حالة إمتعاض وإستياء، لدى جمهور كبير من الطرابلسيين، الذين إعتبروا أن خطوة رئيس الحكومة، تشكل تجاوزاً لآرائهم، وتعالٍ عليهم، وإستخفافاً بهم، وكأنه يسمي أحد الموظفين في شركاته الخاصة، على حد تعبير مصادر سياسية طرابلسية، التي تكشف بدورها أن حالة الإمتعاض، لم تقتصر على المعارضين للحريري فحسب، بل تعدت ذلك، ووصلت الى صفوف تياره، وإن لم تكن معلنة، وقد بدأت عقب تشكيل الحكومة الحريرية الثالثة، حين إستبعد رئيسها، النائب السابق مصطفى علوش عن تشكيلته الوزارية، وطفت الخلافات داخل "بيت المستقبل" الى السطح، حين رفض الوزير السابق معين المرعبي تسليم وزارة شؤون النازحين الى خلفه الوزير صالح الغريب، يومها أحيا حفلة مزايدات على زعيمه بالحرص على سلامة النازحين السوريين في لبنان. وفي السياق نلفت الى أن لدى بعض "المستقبليين" ملاحظات على إداء زعيمهم في إدارة الحكومة، خصوصاً في شأن "التنازلات" الذي قدمها "لخصومه" في سبيل عودته الى السرايا الكبيرة مجدداً، ودائما وفقا لما تنقله المصادر.

بالعودة الى شأن الإنتخاب الفرعي في عاصمة الشمال، يرجح مرجع طرابلسي، أن هذا الإنتخاب المزمع إجراءه في منتصف نيسان المقبل، لن يكون نزهة لتيار المستقبل في الفيحاء، خصوصاً بعد الفوقية التي أظهرها رئيسه، بالطريقة التي إعتمد فيها إعادة تسيمة جمالي من دون الرجوع لأحد من الطرابلسيين، ويكشف المرجع معلومات تدور في بعض الأروقة الضيقة في المدينة، عن إتصالات مع شخصية، لها حضورها الشعبي والتاريخي، ووزنها الثقافي والعلمي، وإرثها العائلي في الفيحاء، بغية إعادة ترشيحها الى الإنتخاب، حفاظاً على القرار الطرابلسي، وهذه الشخصية هي: المحامي الدكتور محمد نديم الجسر، ولكن حتى الساعة لم تتبلور هذه الإتصالات الى مستوى مشاورات جدية، لإعلان ترشيح الجسر، على حد علم المرجع المذكور. ويعتبر أن إمكان التوصل الى ترشيح الجسر، سيلاقي تأييداً واسعاً لدى شريحة كبرى من أبناء مدينته، خصوصاً أنه موصوف باحترامه لهم، وهو نجل الشيخ نديم الجسر، وحفيد الشيخ محمد الجسر، وهو دكتور في الحقوق، خريج جامعة القديس يوسف، ملتزم دينياً، ومنفتح على الآخر في آنٍ معاً، وفقاً لما يقوله المرجع. ويرى أن ما يسهم أيضاً في تعزيز فرص الجسر، في حال أقدم على الترشح، هو خوضه الإنتخابات الأخيرة على لائحة الرئيس نجيب ميقاتي، وهذا ما يشكل عائقاً أمامه من إقامة معركة "كسر عضم" ضد الجسر حليفه السابق، خصوصاً ان لدى جمهور رئيس الحكومة الأسبق تململ، جراء تجاوز الحريري لقرار الطرابلسيين، رغم إعلان ميقاتي وقوفه في الإنتخاب المرتقب الى جانب زعيم "المستقبل". وكشفت معلومات خاصة أن مجموعة من الشباب الطرابلسي هي في صدد القيام بزيارة الجسر، ومطالبته بالترشح، رداً على قام به الحريري، وكأن طرابلس قد خلت من أهلها، على حد تعبير أحدهم.

لاريب أنه من الصعب جداً إجراء تشريح دقيق للواقع الإنتخابي في طرابلس من الآن، خصوصاً قبل معرفة إتجاه بوصلة الوزير فيصل كرامي، وحلفائه، إن كان على مستوى قراري الترشح أم التصويت، لما لهم من ثقل إنتخابي في المدينة.

وفي مجمل الأحوال، كما جاء إعلاه لن يكون الإنتخاب المرتقب "نزهه للحريري" في شوارع الفيحاء، خصوصاً بعد ورود معلومات شبه مؤكدة عن عزم اللواء أشرف ريفي بخوض غمار الإنتخاب في وجه "المستقبل"، وبالتأكيد سيسهم ذلك، في تقليص فرص نجاح مرشتحه، والدليل إستشعار الأخير بالخوف، تحشيد الأمين العام "للمستقبل" أحمد الحريري الشارع ضد حزب الله، ما يعبّر عن ضعف وخوف من خذلان أهل طرابلس للمستقبل كما حصل في دوائر عدة في الانتخابات الأخيرة.