أكد وزير الشؤون الاجتماعية ​ريشار قيومجيان​ أنه "مع دخول الصراع في ​سوريا​ عامه الثامن، فالعواقب تتجاوز ما يمكن أن نتخيله، اذ يستمر ​لبنان​ بتحمله العبء الأكبر من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذا الصراع، مما يضاعف التحديات القائمة من قبل، ويدفع بلبنان إلى شفير الهاوية".

وخلال حلقة حوارية حول الحماية في ​البرلمان الأوروبي​ في ​بروكسل​ ضمن مؤتمر "دعم مستقبل سوريا والمنطقة"، لفت إلى أن "شخص من كل أربعة أشخاص في لبنان هو نازح سوري، الأمر الذي جعل منه البلد الذي يستضيف العدد الاكبر من ​النازحين​ في العالم مقارنة بعدد سكانه"، مشيراً إلى أن "​وزارة الشؤون الاجتماعية​، ومن خلال قدرتها القيادية لخطة لبنان للاستجابة للأزمة، تتصدى للامر بطريقة مبتكرة من خلال الجمع بين المساعدة الإنمائية والإنسانية، وتلبية احتياجات السوريين النازحين وتأمين بيئة تمكينية قوية للبنانيين للاستجابة للتحديات التي تواجههم بسبب الأزمة".

وأوضح قيومجيان انه "في خلال العامين الماضيين، نمت ثقة المانحين في هذه البرامج بسبب كفاءتها وفائدتها وقبل كل شيء بسبب شفافيتها"، مشيرا الى ان "تمويل هذه البرامج يجب أن يصل إلى 100 مليون دولار على الأقل سنويا، مع وضع آليات تمويل للسنوات المقبلة تسمح بتنفيذ مشاريع افضل".

وشدد على أنه "على الرغم من المساعدات التي تم توفيرها من خلال خطة لبنان للاستجابة للأزمة 2017-2020، نؤكد من جديد موقفنا المتمثل في أن المساعدات المقدمة حتى الآن لا تزال غير كافية ولا تعوض بما يكفي الآثار السلبية، إن إحتياجات السكان المتضررين، سواء السوريين النازحين أو المجتمع اللبناني المضيف، تفوق قدرة حكومة لبنان، إن النهج التقليدي المتمثل في تزويد البلدان المضيفة بالمساعدة الإنسانية والدعم المالي والقروض والمنح سيعالج بالتأكيد بعض الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة، لكنه يعجز عن التعامل مع العواقب السياسية والتأثير على الاستقرار الاجتماعي واحتمال الصراعات العنيفة التي ستندلع في المستقبل نتيجة للتغيرات الديمغرافية، لذلك، يتوجب إيجاد حلول دائمة بما في ذلك استراتيجيات قصيرة إلى متوسطة الأجل تهدف إلى تقاسم العبء الديموغرافي للنازحين، وضمان أن السوريين قادرين على العودة إلى وطنهم أو إعادة إيجاد مساكن لهم، وخصوصا في حالة البلدان الهشة مثل لبنان"، مؤكداً على "ضرورة العمل معا لإيجاد استجابات تنموية مبتكرة تدعم اللبنانيين والسوريين الضعفاء على حد سواء، وتساعد لبنان على تحويل الأزمة إلى فرصة بناء للمستقبل، وايجاد الحل الدائم للنازحين ليعودوا إلى وطنهم ولتأمين مساكن لهم".

ولفت الى ان "الشؤون انجزت سجلا ناجحا في الحفاظ على علاقات مستقرة نسبيا، دون وقوع أعمال عنف كبيرة بين الطوائف، من خلال قيادتها الشاملة لخطة لبنان للاستجابة للأزمة"، مشيراً إلى أنه "تبقى حماية الفئات الضعيفة، والأطفال، والمسنين، والنساء، والشباب، والأشخاص ذوي الإعاقة، والفئات المهمشة والأقليات، فضلا عن الحماية من الاستغلال الجنسي والعنف الجنسي والجنساني، أولوية شاملة في جميع مبادراتنا، عالجت وزارة الشؤون الاجتماعية الحساسيات التي تؤدي إلى النزاع وتهديدات الحماية التي نشأت عنها، كما تمكنت من القيام باخلاء اضطراري في ظل الظروف المناخية حيث تمكنا من الاستجابة للاستعداد سريعا لفصل الشتاء".

وذكر أن "حكومة لبنان تبنت ​سياسة​ لتسهيل الحصول على الإقامة القانونية من خلال الإعفاء من رسوم تجديد الإقامة لفئات معينة من النازحين، الا ان الامر لم يؤد إلى زيادة كبيرة في اعداد النازحين الذين سووا وضعهم القانوني"، مشيراً إلى أنه "يجب القيام بالمزيد من العمل لتوسيع نطاق هذه الإصلاحات السياسية، مما يسمح للنازحين بالحصول على الإقامة على أساس مبدأ عدم التمييز، ولتحقيق ذلك، يحتاج لبنان أيضا إلى دعم ​المجتمع الدولي​ لمؤسساته العامة التي تشرف على هذا الأمر من أجل تعزيز قدراتها إضافة إلى ذلك، عالجت الحكومة أيضا مخاطر عدم تسجيل الولادات الذي يعتبر هدفا رئيسيا للحماية، وهدف لتسهيل الحل الدائم لعودة كريمة وغير قسرية إلى بلدهم الأصلي، وفقا للقانون الدولي ومبدأ عدم الإعادة القسرية".

واعتبر قيومجيان "أننا فعلنا الكثير ولكن تبقى تحديات عدة من دون معالجة، وتتطلب جهودا مشتركة من جانبنا جميعا لإيجاد الحلول المناسبة، وإلى أن يعود النازحون إلى سوريا، ينبغي على المجتمع الدولي أن يعمل بقوة لتهيئة الظروف المناسبة لعودتهم، وأدعوه إلى تعزيز ودعم القوانين المتعلقة بالمطالبة بالممتلكات، كما أدعوه أيضا للعمل على ضمان الحماية داخل سوريا من خلال معالجة انعدام الأمن ومخاوف التجنيد القسري والاحتجاز والاختفاء وهي عوامل يعتبرها النازحون أكبر الموانع التي تقف في وجه عودتهم إلى ديارهم، لكن دعونا لا نخطئ: إن التحديات الرئيسية لتحقيق عودة واسعة النطاق ليست في لبنان، إنما داخل سوريا، ويجب الا نتمسك بالأمل وحسب، بل بالعمل ومشاركة المسؤوليات من أجل وضع نهاية لأسوأ الأزمات الإنسانية في عصرنا".

كما التقى قيومجيان في بروكسل، مفوض شؤون الجوار في الاتحاد الاوروبي يوهانس هان في مكتبه في المفوضية، بحضور سفيرة الاتحاد في لبنان كريستينا لاسن.