ثمن مفتي الجمهورية ​الشيخ عبد اللطيف دريان​ خلال رعايته في حضور رئيس الحكومة الاسبق ​نجيب ميقاتي​ توقيع تقديم هبه من ​جمعية العزم والسعادة​ الاجتماعية للمديرية العامة للأوقاف الإسلامية "الخطوة التي قامت بها جمعية العزم والسعادة في تقديم هبة لتوسعة مسجد الصحابي عبد الرحمن بن عوف"، مشيراً إلى أن "من ساهم في بناء المساجد أو توسعتها فله اجر عظيم وتعتبر صدقة جارية، فهنيئا لمن سعى وبادر الى هذا العمل في فعل الخير وبارك الله بالرئيس نجيب ميقاتي وشقيقه الحبيب طه على كل ما يساهمون به في طاعة الله ورسوله.".

ولفت إلى انه "في هذا اللقاء الجامع، اللقاء الذي تمت الدعوة اليه من منطلق ايماني، ومن منطلق وطني. قبل قليل تم التوقيع على تنازل وهبة لاسهم يملكها دولة الرئيس نجيب ميقاتي في المبنى الملاصق لجامع عبد الرحمن بن عوف الصحابي الجليل، وذلك لكي تتم التوسعة لهذا المسجد في منطقة عزيزة علينا، منطقة ​راس النبع​، كان ميقاتي حريص كل الحرص على ان تكون هذه الأسهم تتصرف بها كيفما تشاء المديرية العامة للاوقاف الإسلامية، وكان ​حريصا​ جدا اثناء حديثي معه عن هذا الامر قائلا لي "لا تحرمني من الاجر في توسعة المسجد الذي أحببت".

وتوجه إلى ميقاتي بالقول: "جزاك الله خيرا على ما تقدمت به خدمة لبيت الله، وعلى ما تقوم به أيضا خدمة لبيوت الله في ​بيروت​ وفي ​طرابلس​، لا بل في كل ​لبنان​، هذه العائلة الكريمة ​الطيبة​ التي تربت على روح العطاء وروح الايثار وروح التقديم لمجتمعها، لا تميز بين مسلم وغير مسلم، بل تقوم بالعمل الاجتماعي في نطاق إنساني واسع وشامل، والتقديمات التي تقوم بها مؤسسات العزم والسعادة تقديمات يشهد الجميع بانها تقديمات إنسانية بامتياز وهذا المسجد ان شاء الله، مسجد الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف احد العشرة المبشرين بالجنة، سيكون ان شاء الله معلما إسلاميا كبيرا في منطقة نعتز بانها منطقة جامعة للعيش المشترك".

وأضاف المفتي دريان: "ما حدث في ​نيوزيلاندا​، امر فظيع يفوق كل التصورات، عمل إرهابي حاقد ينمّ عن كراهية ليس فقط للمسلمين، بل لكل الأديان، استنكر الجميع ما حصل، ولكننا نحن معنيون بهذا الامر، ومعنيون أيضا بنزع الكراهية والحقد من نفوس اجيالنا، لقد جمعتنا مع شركائنا المسيحيين في هذا الوطن وفي العالم تواريخ فيها صفحات بيضاء مشرقة، وفي هذا التاريخ أيضا بعض صفحات السوداء التي دفعنا جميعا ثمن الحقد والكراهية التي تزرع في نفوس الاتباع، دعونا ننظر الى التاريخ بغير النظرة التي نظر اليها القاتل الإرهابي في نيوزيلاندا، علينا أن نمزق الصفحات السوداء، وعلينا ان نبني على الصفحات البيضاء المشرقة من اجل السلام والمحبة والمودة والانفتاح التي تدعو اليها جميع الأديان. الكراهية والاسلاموفوبيا تنتشر بسرعة في البلاد الغربية، ونحن نقول من خلال لقاءاتنا والتي تمت في الدول الأوروبية واثناء مؤتمراتنا تعالوا جميعا على اختلاف ادياننا لنتعارف ومن ثم لنتفاهم على طريقة وفقه للعيش المشترك".

واكد أنه "لم يعد هناك دول أُحادية الانتماء الديني، هناك تعدد وتنوع في اكثر الدول، ما نريده نحن وما نوصي به المسلمين المتواجدين في هذه الدول عليكم الحفاظ على انتمائكم الديني في ظل الانفتاح على الاخرين، وفي ظل الاتفاق على طريقة للعيش تحمي الجميع، لا نريد مجتمعات فيها احقاد وفيها كراهية وفيها قتل وفيها اهدار للكرامات الإنسانية. ما حدث هو برسم الجميع، علينا ان نتنبه لما هو قادم، لانه في النهاية ليس فقط الإسلام هو المستهدف او المسلمين هم المستهدفون، المستهدف هو الأديان واتباع الأديان. نحن في لبنان اتفقنا على صيغة للعيش الواحد بين مكونات الشعب اللبناني، ونحن نحافظ على هذه المكونات في اطار الاحترام المتبادل، نحن لا نتدخل في الخصوصيات الدينية للطوائف، وانما الذي يعنينا هو رسائل المحبة والتسامح والود والعيش بكرامة في ما بيننا، نحن نفتخر كلبنانيين اننا صدرنا الى ​الشرق الأوسط​ والى العالم هذه الصيغة الفريدة المتنوعة التي نعيشها كعيش مشترك، لن نسمح في لبنان لأي خطاب متطرف، كما وقفنا سدا منيعا في السابق وادنا وشجبنا وحاربنا التيارات التكفيرية ونحن سائرون على هذا المنهج، الوسطية والاعتدال، والقيم الخلقية هي رسالة الأديان جميعا، وهي من صميم رسالتنا الإسلامية، نحن لا نريد إلا ان نتعايش في مجتمعات متعددة ومتنوعة، نحن حملة رسالة، هذه الرسالة هي رسالة الرحمة، ورسالة الاخلاق، ورسالة الكرامة الإنسانية، نريد ان نحياها في مجتمعاتنا المتعددة والمتنوعة، وهذه الرسالة علينا واجب ديني ان نبلغها للعالم اجمع ولكل الناس، ما حدث مؤلم، ونحن ننتظر المنهج الواضح من اجل مكافحة ومحاربة الكراهية بين البشر وبين اتباع الديانات، لا يمكن لنا الا ان نكون نحن المسلمين الا حملة رسالة سلام ومحبة لكل الناس، وهذا ما أُمرنا به، ان يُقتل الأبرياء الذين يتعبدون الله في يوم هو عيد للمسلمين في مسجدين في نيوزيلاندا هو امر في غاية الخطورة، علينا جميعا ان نتنبه لما يحاك ضد الأديان، وما يحاك ضد المسلمين، علينا جميعا ان نكون بالفعل مؤمنين حقا برسالة ادياننا من اجل كرامة انساننا مهما كان انتماءه الديني. لن اطل في هذا الموضوع، فقد تكلم الجميع فيه، وسنبقى نتكلم فيه حفاظا على الرسالات الدينية المتعددة والمتنوعة في شرقنا الأوسط وفي الدول الغربية، انتم تعلمون ان لدينا مندوبين ل​دار الفتوى​ في كثير من الدول الغربية، وصيتي كانت دائما لهم انكم لا تخرجوا عن قوانين هذه الدول، في الدرجة الأولى. الامر الثاني، كونوا حملة رسالة الإسلام الى المجتمعات وشاركوا أيضا في التلاقي مع غيركم، مع غير المسلمين لكي تتفقوا أيضا على فقه للعيش كي نبني جميعا حضارة السلام، ونبني جميعا ونحمي السلم الأهلي في العالم".

واعتبر أنه "علينا ان نهتم بتوعية الساجد حتى يكون مثالا للمواطنة الحقة في بلد فيه 18 طائفة دينية ومذهبية، نحن لن نحيد ابدا عن منهجنا وتوجهاتنا، ونحن دائما لا نقول الا كلمة الحق، وهذه الكلمة كلمة الحق يجب ان يرضى بها الجميع. نأمل جميعا ان نتعدى الازمات التي نعيشها في وطننا لبنان، وهنا انا انوه بالدور الوطني الكبير لدولة الرئيس نجيب ميقاتي في الحفاظ والدعوة الى التمسك ب​الدستور​ و​اتفاق الطائف​، الصلاحيات الدستورية معروفة لدى الجميع، ان تمسكنا بها جميعا يمكن ان تكون مؤسسات الدولة هي مؤسسات منتجة لمصلحة البلد ولمصلحة اللبنانيين".