يعتمد النهج الأميركي "ديبلوماسية إطلاق الإشارات" في كل مرة يكون رئيس الديبلوماسية في جولة خارجية، والهدف من ذلك "تهيئة الأرضية" لمحادثاته في العواصم التي سيزورها.

على هذا النهج يسير رئيس الديبلوماسية الاميركية الحالي "​مايكل بومبيو​"، فمع انطلاق رحلته التي يحط فيها في ​الكويت​ و​لبنان​ و​اسرائيل​، تحدَّث الى الفريق الإعلامي الذي يرافقه فكشف ان هدف زيارته الى الكويت هو إعادة التواصل والحديث مع المسؤولين الكويتيين حول التحالف الإستراتيجي في ​الشرق الأوسط​ وقضايا تتعلق بالطاقة والتهديد الذي تشكله ​إيران​. وفي ​إسرائيل​ سيناقش وزير ​الخارجية الأميركية​ الوضع في ​سوريا​ والتحديات الموجودة هناك إضافة إلى الحديث عن كيفية العمل ضد التهديدات، الهام جدًا في ما قاله بومبيو عن محطته في إسرائيل كشفه أنه سيزور ​السفارة الأميركية​ التي نقلت إلى ​القدس​ مؤخراً.

***

ماذا عن لبنان؟

يكشف رئيس الديبلوماسية الاميركية انه سيمضي وقتاً طويلاً للحديث مع المسؤولين في ​الحكومة اللبنانية​ حول كيفية مساعدتهم على الإنفصال عما وصفه "التهديد الذي تمثله إيران و​حزب الله​"، كما قال... كاشفًا أنه سيلتقي قيادات دينية لبنانية.

بومبيو سيؤكد أهمية العمل مع المؤسسات المالية اللبنانية للحفاظ على سلامة النظام المصرفي.

أما الخطير الخطير جدًا في ما قاله بومبيو أنه حين سئل عن إجتماعه المرتقب مع ​رئيس الجمهورية​ اللبنانية العماد ​ميشال عون​ ووزير الخارجية ​جبران باسيل​، حيث ذهب بعيدًا في التحدي، من خلال قوله: "في عملي نتحدث مع الكثير من الناس الذين نأمل أن يغيروا مسارهم".

***

هذه النقطة بالذات ستكون موضع تباين بين الموقف اللبناني والموقف الأميركي، أو على الأقل بين جزء من الموقف اللبناني والموقف الأميركي، فحتى قبل ان يصل بومبيو الى لبنان، ليس هناك موقف لبناني موحد من قضايا المنطقة وملفاتها، هذا الأمر لن يكون مفاجأة للزائر الأميركي، ففي عداد وفده سيكون هناك "​ديفيد ساترفيلد​" الذي كان في زيارة استكشافية قبل اسبوعين ومهَّد فيها لزيارة بومبيو، ولم يخرج مرتاحًا من بعض اللقاءات حيال موقف لبنان من إيران وتأثيرها، ومن الملف السوري.

***

المراقبون لا يعوِّلون كثيرًا على نتائج فورية للزيارة، فما سيطلبه بومبيو لا إجماع لبنانيا حوله، ومن شأنه ان يفجِّر الحكومة في وقت تعاني هذه الحكومة من تصدعات على رغم ان عمرها لم يتجاوز بعد الخمسين يومًا.

***

في مقابل الإشارات الاميركية، كانت هناك إشارات لبنانية أطلقها رئيس الديبلوماسية اللبنانية وزير الخارجية جبران باسيل، ففي مقابلته الاستثنائية عبر ​المؤسسة اللبنانية للارسال​ انترناسيونال، وضع حدًا للتباينات، فأعلن ان "سياستنا الخارجية هي تحقيق مصلحة لبنان وليس اللعب على الحبال وليس المهم ماذا يقال بل ما هي مصلحتنا". وفي موقف متقدم، اعلن ان "مصلحتنا الا ننحاز بالمطلق في القضايا الاقليمية الا بما يتناسب مع صيغتنا اللبنانية، ولا ولاء لدينا الا للبنان وعلينا تطبيق ​سياسة​ تحمي البلد".

***

هكذا، اسبوع عصيب وقاسٍ، سواء على المستوى الديبلوماسي أو على المستوى الحكومي، وجلسة ​مجلس الوزراء​ اليوم ستكون المفصل للتضامن الوزاري أو عدمه، والمؤشر هو ملف ​التعيينات​، صحيح ان تعيينات ​المجلس العسكري​ ستمر اليوم، ولكن ماذا عن "التعيينات الدسمة" في الجلسات المقبلة؟

في الأنتظار.