لا تختبروا هذا الرجل ...

ميشال عون، ​رئيس الجمهورية​ اللبنانية، الجنرال (وهي أكثر تسمية محببة إلى قلبه)...

لا تختبروه ، ولا تراهنوا على تعبه وملله ويأسه، لأنه سيفاجئكم...

يعرف كل مكامن الفساد، يعرف مَن وراءها، يعرف مَن يستفيد منها...

لديه كل الملفات، عن كل الفاسدين... يلمِّح ويلوِّح لكنه لا يسمي لأنه ابن الدولة وأبن القانون، ويعرف ان التسمية هي عند ​القضاء​ وليس عنده لأن هناك فصلاً للسلطات، لكن هذا لا يمنعه من التوجيه وإعطاء النصح.

ميشال عون لا يتراجع، كما يتوهَّم البعض، هو رأس الدولة ورأس السلطة، وهو يوجِّه ويرتاح إلى رؤساء المؤسسات والأجهزة العسكرية:

حين اندلعت معركة ​فجر الجرود​ التي خاضها ​الجيش اللبناني​ بقيادة ​العماد جوزيف عون​، توجَّه شخصيًا إلى ​وزارة الدفاع​، ولم يكن ليخطو هذه الخطوة لولا ثقته بالجيش وبذراعه الإستخباراتية وعلى رأسها مدير المخابرات العميد طوني منصور.

يرتاح أيضَا إلى المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس ابراهيم​ الذي له اليد الطولى في المساعدة على إعادة ​النازحين السوريين​، وبفضل جهوده عاد حتى اليوم ما يفوق 170 ألف سوري.

الرئيس عون يثق أيضًا بمؤسسة ​قوى الأمن الداخلي​ وعلى رأسها المدير العام ​اللواء عماد عثمان​، هذا الرجل الذي واكب الرئيس الشهيد ​رفيق الحريري​ ثم اللواء ​الشهيد وسام الحسن​ الذي يجلس مكانه اليوم العميد خالد حمود رئيس ​شعبة المعلومات​ الذي نجح على أكثر من مستوى ولا سيما في تفكيك شبكات إرهابية وشبكات تجسس لمصلحة العدو الاسرائيلي.

ولا يُخفى على أحد الدور الذي يضطلع به جهاز ​أمن الدولة​، وعلى رأسه اللواء أنطوان صليبا، وقد برز هذا الجهاز في ​مكافحة الفساد​، وكان له الدور الطليعي ولا يزال، في مواكبة وزارة الأقتصاد في وضع حد لجشع أصحاب المولِّدات.

هذا جزء من "عدَّة الحكم" للرئيس عون، وهو يعوِّل كثيرًا على دورهم الذي يستمر قبل ​الحكومة​ وأثناءها.

***

خاطئ مَن يعتقد ان الرئيس عون لا يعرف ماذا جرى ويجري في العاصمة؟.

ألا يعرف، على سبيل المثال لا الحصر أن مجلس ​بلدية بيروت​ اتخذ قراراً قضى بمنح جمعية (نمتنع الآن عن ذكر اسمها) نحو مليوني ​دولار​ دفعةً واحدة لقاء قيام الجمعية، خلال السنوات الثلاث المُقبلة، بتزيين شوارع العاصمة في المناسبات والمهرجانات، وذلك من دون تحديد آلية واضحة ومحددة حول طبيعة الزينة والمُنشآت التي ستستخدمها؟

ألا يعرف أن هناك جهات سياسية تقف وراء هذه الجمعية؟ وأن المليوني دولار هي "تنفيعة"؟

***

خاطئ مَن يعتقد ان رئيس الجمهورية لا يعرف فضيحة "مجرور ​الإيدن باي​"، ولكن هل يحل محل نواب العاصمة ليتابع الموضوع؟ هل يحل محل ​لجنة الأشغال​ النيابية؟ هل يحل محل المحافظ ورئيس البلدية؟ هل يحل محل هيئات التفتيش؟ هل يأخذ دورها أم عليها ان تقوم بواجباتها؟

***

هل عن عبث قال رئيس الجمهورية ان "الدرج يُشطَف من فوق"؟ في اعتقادكم، الا يعني هذا الكلام ان رئيس الجمهورية يعرف مَن كانوا "فوق"؟ ومَن هم الذين "يستحقون الشطف"؟

سجِّلوا عندكم: لن تقتصر الاستدعاءات والتوقيفات على "المساعدين والمستشارين والمعاونين والمرافقين" بل ستطال رؤوسًا كبيرة، وباللغة اللبنانية ستطال "معلميهم" الذين هم الفساد الأكبر.

سجِّلوا عندكم: ستفركون أعينكم جيدًا لأنكم ستشاهدون "رؤوسًا كبيرة خلف قضبان النظَّارات"، فرئيس الجمهورية يعرف تمام المعرفة ان عهده ينتهي إذا لم يمشِ في فتح الملفات حتى النهاية. وما كشفه المدير العام ل​وزارة المال​ "آلان بيفاني" ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، والآتي أكبر وأعظم.

***

سجِّلوا عندكم: إن وضع ​وسط بيروت​ و"​سوليدير​" لن يبقى كما هو عليه.

إن وضع ​مجلس الإنماء والإعمار​ لن يبقى كما هو عليه.

الملاحقات آتية، و​التعيينات​ آتية. وسيكتشف ​اللبنانيون​ تباعًا ان العهد بدأ فعلًا مع تقليعة "حكومة العهد الأولى".

***

ميشال عون يتابع يوميًا مع كل الأجهزة المعنية والرقابية كلَّ الشؤون، لا يفوته، يعرف كل شيء، لكنه لا يستطيع أن " يقوم بكل شيء بنفسه":

هناك إدارات يجب ان تتحرك.

هناك أجهزة يجب ان تتفاعل.

لا يستطيع رئيس الجمهورية ان يتحرك عن الجميع، لا ​الدستور​ يتيح له ولا القوانين والأنظمة المرعية الإجراء. هو يوجِّه ويعطي التعليمات ويراقب ويتابع سير الأَعمال، وما على المعنيين من وزراء وإدارات وأجهزة سوى القيام بواجباتهم وبالسرعة المطلوبة، فلا تطلبوا منه أكثر!

***

تذكّروا ان ​الرئيس ميشال عون​ كان "ضابط مدفعية": يستطلع، يراقب، يضع الإحداثيات، يجهِّز الطلقات، ويصوِّب نحو الهدف...

كما في العسكر كذلك في ​السياسة​ والشؤون الوطنية، ولو لم يكن كذلك لَما كان عاد إلى ​قصر بعبدا​، بالدستور والديموقراطية وصندوقة الإقتراع، بعدما كان تركه تحت حمم النيران.