عام 1952 افتتح "خان المواشي" في ​مدينة النبطية​ بعد أن اشترته ​جمعية المقاصد​ الاسلامية، ونظّمت فيه عملية بيع الجمال والأبقار والماعز. كان يضم السوق الذي بات مع الوقت يُعرف بـ"سوق اللحم"، 36 محلا متخصصا ببيع اللحوم والخضار، ومع مرور الزمن أصبح سوق اللحم "تراثا" يقصده أبناء المدينة والمناطق المجاورة بشكل يومي، يشترون لحومهم منه، او لـ"اللحم المشوي". اليوم أصبح هذا السوق مهددا باحتمال الهدم.

تملك السوق المذكور جمعية المقاصد الخيرية التي تأسست في العام 1910 بناء على علم وخبر صادر عن السلطات العثمانيّة، ومن أهدافها "إغاثة طالبي العلم من الذكور والإناث على وجه يحفظون فيه دينهم ودنياهم، وتعضيد العلم في جبل عامل عامة وفي النبطية خاصة بفتح ​المدارس​"، باتت على الأرجح بحسب المعلومات تملك اهدافا أخرى، فالخطّة تنص على هدم السوق، وإنشاء "سنتر متخصص" مكانه.

يرى الصحافي والناشط المجتمعي أحمد ياسين أن أسهل طريقة للقضاء على مستقبل الشّعوب هي مسح ذاكرتها، ومسح الذّاكرة المدينية للنبطية قائمٌ على تهديم كل ما هو أثري، من خان المواشي أو ما يعرف بسوق اللحم وصولاً للمباني القديمة وإبدالها بمراكز تجارية ومراكز متخصّصة لا يألفها النبطانيون ولا تشبه مدينتهم، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن قرار الهدم سيلحق ضرراً سياحياً بالمدينة التي تفتقر أصلاً لمقوماتٍ سياحيّة.

يعتبر ياسين أنه من الممكن تأهيل السوق وتطويره مع الحفاظ على ثوبه القديم في نفس الوقت، سائلا "هل يجوز في الوقت الذي يتجّه به ​العالم​ نحو حفظ الأصيل، أن تنصرف الجمعية نحو تهديم الثّراث والذّاكرة؟، ومن سيعّوض على العمّال وأصحاب المحال، وأين سينتقلون بحال الهدم الذي يضمّ حرفيين أيضاً"؟ لافتا النظر الى أنه "على البلدية والجمعيات المعنيّة التدخل أو سيضطر أبناء المدينة للتحرّك بإتجاه الوزارات المعنيّة منعاً لتنفيذ قرار الهدم".

"لا يوجد أي قرار أو طلب خطّي بشأن الهدم على طاولة البلديّة"، يؤكّد رئيس بلديّة النبطية احمد كحيل، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن سوق اللحم ليس ملكًا عاما، فهو عقار خاص تابع لجمعية المقاصد، ولكن هذا لا يعني ان البلديّة لن تتدخل بحال أصبح قرار الهدم رسميا.

ويضيف كحيل: "بحسب معلوماتنا ان الجمعية التي تعاني من ضائقة ماليّة تريد حصر أملاكها وتطوير السوق خصوصا أن عقود الإيجار قديمة، وبعض الملاحم بحاجة الى تطوير، وذلك رغم أننا في العام 2007 قمنا بأعمال بسيطة لتأهيل السوق".

يؤكد كحيل أن "سوق اللحم" ليس عبارة عن حجارة فقط، بل هو تراث والبلديّة لن تتركه، وبحال اتّخذت الجمعيّة قرارا بهدمه فستتدخل معها، ومع المستأجرين الذين يملكون حقوقا أيضا.

من الطبيعي أن يتمكن مالك عقار ما من الاستفادة من عقاره، ولا يمكن لأيّ جهة ان تقف بوجه هذا الحق، انما ليس من حقّ أحد ان ينال من تراث مدننا، وعندما تصبح ​الآثار​ أو التاريخ والتراث على المحكّ يصبح من واجب أجهزة الدولة التدّخل وحماية هذا التراث، وفي حالة سوق اللحم في النبطيّة قد يكون الحلّ بشراء العقار من مالكيه وتأهيله واستمرار العمل فيه.