لم يهضم محور المقاومة بعد تسليم ​موسكو​ لتل أبيب رفات الجندي ال​اسرائيل​ي، زكريا باومل، الذي فُقد في ​لبنان​ منذ 37 عاما خلال معركة السلطان يعقوب. فالخطوة كبيرة وذات دلالات كثيرة بالنسبة للمحور الماضي بتحالفه مع ​روسيا​ الذي بات واضحا تماما انه يقوم على مصالح مشتركة للطرفين لا على مبادىء او ثوابت يمكن البناء عليها حتى للمستقبل القريب.

واذا كان هذا المحور لم يستسغ أو يتقبل بعد هذا التطور، فهو لا شك لا يعيش في حالة من الصدمة خاصة وأن الخطوة الروسيّة هذه ليست يتيمة وقد سبقها استعادة ​إسرائيل​، وبوساطة روسية، إحدى دبّاباتها التي كانت تعرض في العاصمة السوريّة دمشق، اضافة الى خطوات أخرى تراكمت على مرّ السنوات الماضية أثبتت أن أولويّة موسكو هي مصلحتها الشخصية وليس اي مصلحة أخرى. ويقول مصدر في 8 آذار قريب من ​حزب الله​ ان لكل دولة منظومة مصالح تملي عليها السلوك بعيدا عن الأخلاقيات والمشاعر، ولا شك أن ما حصل مؤخرا صفقة انكشف جزء منها وبقي الجزء الاكبر مخفيّا خاصة بما يتعلق بالثمن الذي ستقبضه موسكو من رئيس الوزراء الاسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​، علما انه ليس واضحا حتى الساعة ما اذا سيكون هذا الثمن في سوريا بحيث يتم تمرير الحلول الروسيّة للأزمة السوريّة او ما اذا كان الثمن بملف العلاقات الروسية–التركية.

ولطالما شهدت العلاقة بين محور المقاومة وموسكو نوعا من شدّ الحبال منذ دخول روسيا على خط الأزمة في سوريا. وتذكّر المصادر بتصريحات أدلى بها وزير الخارجية الروسي، ​ميخائيل بوغدانوف​ في العام 2015 وقال فيها أن بقاء الرئيس السوري ​بشار الأسد​ في السلطة ليس حتميا، لتعود موسكو وتتراجع عن هذا الموقف في مرحلة لاحقة. وتضيف المصادر: "كذلك سار الروس بصفقة مع الأتراك في حلب وعادوا وتراجعوا عنها كما بصفقة أخرى مع اسرائيل بدرعا تراجعوا عنها ايضا".

وقد اشتبك الجنود الروس وعناصر حزب الله العام الماضي في منطقة القصير، بعد خلاف أخذ أبعادا شتى وأظهر تعارضا واضحا في أجندة الحزب والأجندة الروسية. وتقول المصادر في هذا الاطار: "نحن بالنهاية لسنا محورا واحدا لكننا حلفاء بمهمّة محدّدة تقضي بحماية النظام في سوريا و​مكافحة الارهاب​. روسيا تستفيد من هذه المهمة من خلال سعيها للتمدّد دوليا فيما يستفيد محور المقاومة عسكريا وعبر الموقف الروسي المؤيّد له في مجلس الأمن". وتضيف المصادر: "بالنهاية ليس كل ما تقوم به موسكو يرضي محور المقاومة والعكس صحيح، لكننا نعي أن ​بوتين​ ونتانياهو اليوم بحاجة لبعضهما البعض خاصة وأن اللوبي الصهيوني يتوسع بروسيا وقد بات يسيطر على الاعلام والمال".

وتعتبر المصادر ان الروس حين قرروا الدخول لدعم النظام في سوريا قاموا بذلك بعدما تأكدوا أنهم يدخلون ​مركبا​ منتصرا، مضيفة:"هم لم يتحركوا لمد يد المساعدة الا في العام 2014 من خلال تقديم المساعدات العسكرية علما انهم تخلفوا عن تنفيذ عقود عسكرية موقعة بين البلدين مع اندلاع الأزمة. هم لم ينخرطوا عسكريا الا في العام 2015".

بالمحصّلة لن يستغرب محور المقاومة استمرار تدفق الهدايا الروسيّة لاسرائيل، لكن كل هذه التراكمات ستدفعه حتما لاعادة النظر ببعض حساباته، بعدما تهيّأ لبعض مكوناته أن موسكو قد تبدّي في يوم من الايام مصلحة هذا المحور على مصلحة اسرائيل، وهو ما يشكّل خطأ استراتيجيا ستكون عواقب الوقوع فيه كبيرة جدا.