أكد ​وزير الثقافة​ ​محمد داوود​ "أننا نتحلق اليوم حول ذاكرة وتراث وروح مشبعة بالإنسانية. مئة وخمسون سنة، وهذا الصرح، ضاربة جذوره في وجدان أهل ​الجنوب​، وفي تاريخ صور، مدينة التاريخ والعبر. إذا كان الكلام على بدايات العلم والتعليم في ​لبنان​ منذ مدارس "تحت سنديانات الضيع" في المناطق، يطل علينا وجه سيدة فاضلة، إليزابيت طومسون، نزلت في مرفأ ​بيروت​ في تشرين الأول 1860، بالتزامن مع أحداث الجبل ومآسيها الأليمة، وانخرطت في العمل الاجتماعي الإنساني التربوي، سنوات وكان لصور (1869) مدرسة للبنين والبنات، وثالثة للعميان ومستوصف، ونستذكر للمناسبة وجه المعلم سليم كساب، صاحب الفضل الكبير في التعليم والإدارة عقودا طويلة".

وخلال تمثيله رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ في مرور 150 عاما على تأسيس ​المدرسة الإنجيلية​ في صور، أوضح أنه "تحت شعار "تجرأ وثابر" أنجزت السيدة طومسون، مشروعا تربويا اجتماعيا إنسانيا. ولاحقا، عمت لبنان عشرات ​المدارس​ والمؤسسات الاجتماعية...وقرأنا في كتاب "شروق ​الشمس​ في ​سوريا​" (1930)، خريطة طريق لعمل الجمعية الإنجيلية اللبنانية على امتداد جغرافيا لبنان".

وشدد داوود على "أننا في صور، أرض العراقة والتاريخ، وتعاقب الأزمنة الكثيفة بالأحداث والمآثر...ترانا نسينا ريادتها الغابرة في العصيان على الاحتلال، ومقاومة الطغاة من حصار الإسكندر قبل آلاف السنين، إلى طغاة الأزمنة الحديثة، تاريخ طويل مجيد من النضال، وصولا إلى تحرير الجنوب من رجس الاحتلال ال​إسرائيل​ي"، مستطردا: "الكلام على التحرير يوصلنا بالحتمية إلى دور راعي هذا الاحتفال، رئيس مجلس النواب نبيه بري في المجالات كافة، بدءا من التصدي لمرحلة الاحتلال، وصولا إلى طرد إسرائيل من جنوبنا المقاوم، مرورا بدوره الوطني الدؤوب والجامع في السهر على مصالح لبنان، وتطوير قطاعاته عبر التشريعات المناسبة وتحصينها في مجالات التنمية المستدامة ومكافحة أشكال ​الفساد​، وتنقية ​قطاع الكهرباء​ و​البيئة​ و​الدين العام​ ومشكلة ​النزوح​، والهم الوطني في تحرير ​مزارع شبعا​ وتلال ​كفرشوبا​".

وأوضح أن "الذاكرة تعود بنا إلى المقاوم الأول، الإمام السيد ​موسى الصدر​، الذي مشينا على هديه في مدارج الروح الإنسانية والدينية السمحة الجامعة، هل ينسى ​اللبنانيون​ تلك اللحظة الوطنية التاريخية في 18 شباط 1975، يوم وقف الإمام أمام مذبح كنيسة الآباء الكبوشيين في بيروت، واعظا في كلمة سواء، فقال حرفيا: "لبنان بلدنا، رصيده الأول هو الإنسان"، ويبرز واقعه بالمقارنة مع حقيقة عدونا الإسرائيلي في عنصريته واغتصابه ​فلسطين​، وتحريف التاريخ وتهويد المدينة المقدسة...في تلك العظة الرائعة بشموليتها في وحدة الأديان، أكمل الإمام: "نجتمع من أجل الإنسان الذي كانت من أجله الأديان، نلتقي لخدمة المستضعف المسحوق، ولنحفظ بلدنا لبنان، أمانة التاريخ وأمانة الله".

فيما أكد رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان القس ​جوزيف قصاب​ أن "الدول تصنف بأدمغتها وتقدمها، وليس بثرواتها الطبيعية"، مشيراً إلى أنه "لا يخفى علينا اليوم، الفجوة العميقة بين واقعنا التربوي في لبنان، والتطور العلمي، التي لا نستطيع ردمها بالنصح والإرشاد وبالانتظار وكأنها مسألة وقت وبتنحل، كالوضع السياسي والإنمائي في وطننا الحبيب لبنان".