دعونا من الصخب، ولنحاول التفكير بهدوء وبعقل بارد، فلا شيء يؤذي أكثر من الإنفعال:

البلد في غليان، والسبب هو ​الموازنة​، فما ذنب الشعب؟

نطرح هذا السؤال لأن المحور الأساسي هو: ما علاقة الأربعة ملايين ​لبنان​ي بالموازنة؟

من الآن فصاعدًا لن يكون التركيز إلا على الأربعة ملايين لبناني، فهؤلاء هم الشعب وهم المستقبل وهم البلد، اما الآخرون فهُم تجمُّع الطبقة الحاكمة والطبقة المستغلة والطبقة التي أفقرت الناس وأفرغت جيوبهم وخاصة الطبقة المستفيدة من قطاعات الدولة التي يستفاد منها بملايين ال​دولار​ات.

***

على ماذا القتال؟ وما علاقة الأربعة ملايين لبناني بالموازنة؟

بعد التدقيق، يمكن القول أن لا علاقة لهم بها، وهذا هو الدليل:

الموازنة مؤلفة من أربعة اقسام:

فوائد ​الدين العام​.

رواتب وتعويضات ​القطاع العام​.

سلفات للكهرباء.

وما تبقَّى للاستثمار.

في الأقسام الأربعة، ما دخل الأربعة ملايين لبناني بها؟ فهُم يستطيعون أن يعيشوا من دونها ومن دون أعبائها.

فالحكومات المتعاقبة هي التي استدانت وتسببت بالعجز وبالديون، ولا علاقة للأربعة ملايين لبناني بهذا الخيار الخاطئ والمُكلِف، وعليه فلتتحمَّل السلطة على كل مستوياتها، التنفيذية والتشريعية تصحيح الخطأ الذي ارتكبته، ولتفتش عن المليارات في جيوب وحسابات الفاسدين الذين ما تركوا شيئا الا واستغلوه وحولوا اموالهم الى الخارج.

رواتب القطاع العام: ما ذنب الأربعة ملايين لبناني بها. كل القطاع العام في لبنان لا يتجاوز حجمه وعدده 300 ألف، وهي أكبر نسبة قطاع عام في ​العالم​ نسبة إلى عدد السكان، فما دخل

الأربعة ملايين لبناني بها؟ إذا استثنينا حوالى مئة الف واكثر بقليل، هو حجم المؤسسات العسكرية والأمنية، فما علاقة الشعب بالمئتي الف المتبقية؟ هؤلاء بماذا يفيدون الأربعة ملايين لبناني غير تحميلهم الأعباء؟ بالتأكيد لا شيء.

إن حجم القطاع العام من المدنيين يجب الا يتعدى الخمسين ألف شخص، هو اليوم يتجاوز المئتي ألف، فلماذا هذا الإنتفاخ من دون طائل؟ ولماذا على ​القطاع الخاص​ ان يتحمَّل رواتب قطاع عام لا يعمل؟ واستطرادًا، ما ذنب الأربعة ملايين لبناني في هؤلاء؟

***

ونأتي الآن إلى موضوع ​الكهرباء​: لا حاجة لنا لا إلى معاملكم القديمة ولا إلى بواخركم الباهظة السعر، دعونا وشأننا في مولِّدات الإشتراك أو في المولِّدات الخاصة. هكذا بالإمكان تفادي ما يقارب ملياراً ومئتي مليون دولار هي كلفة ​المحروقات​ التي تستوردونها من أجل المعامل والبواخر.

***

ويبقى القسم الأخير من الموازنة الذي هو نحو عشرة في المئة عن الإستثمارات. بربكم، أي استثمارات تتحدثون عنها؟ "الإستثمارات" هو المصطلح المخفف لمصطلح "الوضع في الجيوب"... بربكم اعفونا من استثماراتكم! لقد رأينا ما فعلتم منذ ربع قرن إلى اليوم وكيف انقلبت الإستثمارات الى ديون لم تُحمَّل سوى للمواطن اللبناني.

***

في المحصِّلة، لماذا الموازنة؟ وإذا كنتم تريدونها وتصرُّون عليها، فوفِّروها من أموال الذين اغتنوا وهم معروفون لدينا ولديكم وأموالهم تغطي أكثر من موازنتي 2019 و2020.