لا يمرّ يوم في ​البقاع​ هذه الأيام من دون تسجيل حادثة خطف او سطو او سرقة. لم تعد تلك العمليات تقتصر على مناطق نائية كما كان يحصل سابقاً، لأن الجيش كثّف من حواجزه وإجراءاته في البقاع الشمالي، بل تتكرّر تلك الحوادث في المدن وعلى الطرق الرئيسة والدوليّة في ​البقاع الأوسط​، كما حصل في الأيام الماضية على ​اوتوستراد زحلة​، ومفرق جديتا، و​تعنايل​، وأماكن أخرى، بشكل أرعب الناس وخفّف من تنقلاتهم ليلاً، وقد تمنع اللبنانيين أو غيرهم من إرتياد مناطق بقاعيّة يشكّل مناخها في فصل الربيع عامل جذب للمغتربين ايضاً.

يروي المواطنون أنّ مسلّحين يباغتون المواطنين على مرأى الناس، ويسطون على سياراتهم، ويفرّون بأمان. لذلك، يسأل البقاعيون: أين القوى الأمنيّة؟ ما هي الخطوات الإستباقيّة التي يتّخذونها؟ هل هم مشغولون فقط بملاحقة مهربي المخدرات؟ ام بضبط السيارات التي تضع عوازل للشمس؟ علماً أن العوازل تصبح ضرورية لمنع السارقين من إعتراض السيارات التي يتواجد فيها فرد واحد، أو إمرأة وحدها تعجز عن مقاومة السارقين. فالعوازل تمنع العصابات من معرفة عدد المتواجدين أو هوياتهم او امكانيّاتهم داخل السيارات.

ومن هنا، لا ينتقد المواطنون تقصير الأجهزة الأمنيّة الاّ من باب الحثّ على ممارسة أدوارهم، في زمن إقتصادي لبناني صعب. خصوصاً أن أهالي البقاع يعوّلون على موسم سياحي في الصيف يجذب السوّاح والمقيمين والمغتربين إلى ​قلعة بعلبك​، ونهر العاصي، ومطاعم زحلة، ومنتزهات عنجر و​بحيرة القرعون​.

يشكّل مطلب ضبط الأمن في البقاع أولوية تفوق أهميّة ملاحقة تجّار ومهربي المخدرات الى خارج لبنان، رغم أنّ الواجب يقضي بملاحقة كل مخلّ بالأمن أو مخالف للقانون، ومن بينهم عصابات الإتجار بالممنوعات. لكن الواقع البقاعي يفيد بأنّ تحقيق أمان المجتمع هو مدخل للإستثمارات، بعد ان عقد الصينيون العزم لجعل ​البقاع الاوسط​ مركز صناعات وتصدير الى ​سوريا​ و​العراق​ و​الأردن​، وباشروا في الإجراءات العمليّة لتأسيس مجمّعات تجاريّة في تعنايل و​قب الياس​، والسكن في مكسه. فماذا لو خشي الصينيّون وغيرهم من عمليات الخطف والسلب والسطو؟ هل هو مخطط لإبقاء البقاع قي مساحة القلق والفقر والعوز؟!.

تتكرّر الأسئلة والهواجس التي يطرحها المواطنون في جلساتهم بعدما إستبشروا خيراً بخطوات إقتصاديّة آتية إلى البقاع.

لكن الامل ليس مفقوداً بعد. فلا تكفي الحواجز على الطرقات ولا المظاهر العسكريّة والأمنيّة الواضحة والموجودة اساساً، بل إن خطة الأمن المطلوبة في كل البقاع تختلف عن خطة بعلبك-الهرمل التي جرى تطبيقها سابقاً، وفق ترتيبات يقدّرها الامنيّون لا غيرهم، بوجود قرار سياسي كامل داعم لأي إجراء أمني، وحاضنة شعبية تئن من تصرفات العصابات التي زادت جرائمها في الآونة الاخيرة.

إنّ طرح هذه الهواجس إعلامياً في بداية الممارسات الإجراميّة كي تعي القوى الأمنيّة التي لا تقصّر بالعادة، ضرورة التحرّك السريع لتطبيق أمن إستباقي في منطقة مهمّة في لبنان، خصوصا انّ السطو و​السرقات​ يحصلون أحياناً على طريق دولي أو متفرعات عنه.