يبدو مريبا حال الشائعات في لبنان، في الصيف الماضي استفاق اللبنانيون على شائعات محلية واجنبية طالت بحرهم، فبدا وكأن التلوث ضرب المحيط ولم يعد بإمكان أحد ممارسة هواية السباحة على الشاطىء اللبناني. اليوم لا يبدو الوضع أفضل، ولكن الشائعات باتت تطال قطاعات مختلفة، أبرزها القطاع المالي.

قبل أن تبدأ دراسة الموازنة في مجلس الوزراء، انتشرت أخبار وتحليلات بأنها ستطال رواتب الفقراء والموظفين، وفيها الحسومات على التقديمات، فبدت ​الحكومة​ وكأنّها تفتح النار على مواطنيها. تحركت النقابات بالإضراب، فمع كل يوم جديد، إشاعة جديدة. ومن الاشاعات الّتي انتشرت: "زاد طلب المواطنين على ​الدولار​ الأميركي، وسُحبت أموال من ​المصارف​ خوفا من الإفلاس الذي رُسم على جبين كل لبناني، بحيث أوحت الأخبار بأن لبنان على شفير الانهيار".

تؤكد مصادر سياسية متابعة أن الوضع اللبناني ليس بالسوء الذي يُشار اليه، فلا البلد على شفير الافلاس ولا الاقتصاد على موعد مع الانهيار القريب، مشيرة عبر "النشرة" الى أن الإشاعات الكثيرة والعديدة التي انتشرت في لبنان بالفترة القليلة الماضية لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون "بريئة"، لا بل هي "مقصودة" بهدف ضرب لبنان.

ترى المصادر أن ​الشعب اللبناني​ يخاف من الوضع المالي وهذا حقّه، فالحكومة لم تكن يوما من الأيام مطمئنة للمواطن، فالدين يزداد، والعجز يرتفع، لذلك هناك من يلعب على هذا القلق والخوف لزرع الذعر في النفوس ودفع الوضع نحو الأسوأ. وتضيف المصادر: بالعام الماضي نُشرت "خبرية" عن إصابة أحد المواطنين بوباء جرثومي جرّاء السباحة في مياه ​الشاطئ اللبناني​، فتوالت التحقيقات والمقالات والاخبار على ​وسائل التواصل الاجتماعي​ لتحذير اللبنانيين من خطورة الشاطىء، وفي ذلك محاولة لضرب النشاط السياحي في الصيف، الامر الذي نجح الى حد بعيد، وهذا ما يحاولون فعله اليوم أيضا لضرب الموسم الصيفي من جهة وإفشال محاولات الحكومة للنهوض.

تتحدّث المصادر عن ثلاثة انواع من الإشاعات أو مصادر الإشاعات، الاول هو الذي يصدر عن جهات اعلاميّة او سياسيّة خارجيّة، أحيانا عبر تقارير تتحدث عن التلوّث كما حصل منذ أشهر عندما اصيب بئر ماء في الضاحية بالتلوث، وسارعت صحيفة فرنسية للحديث عن تلوّث كل ​مياه بيروت​ بالبراز، أو عندما يتحدّث اقتصاديّون دوليّون وعرب عن وضع لبنان المتّجه نحو الانهيار، مشيرة الى أنّ هدف هؤلاء واضح وهو ضرب لبنان لاهداف سياسيّة خارجيّة.

اما النوع الثاني فهو بحسب المصادر، ذلك الصادر عن مؤسسات وجهّات محليّة، ويكون للضغط على الحكومة لتمرير مطالب معيّنة او دفعها للتراجع عن قرارات معيّنة، مشيرة الى أنّ هذا النوع برز بشكل واضح خلال الأسبوعين الماضيين خلال بحث الموازنة، فكل جهة وجدت نفسها متضرّرة عمدت لبثّ موجة من الشائعات المُضرّة، علما أن تلك الإشاعات أساءت للبنان وتداعياتها لا تتوقف عند حدّ بسيط.

اخيرا هناك النوع الثالث، وهو بحسب المصادر غير المقصود، اذ أن مروّجي هذا النوع من الإشاعات هم بالأغلب مواطنون عاديون على وسائل التواصل، يحلّلون أحيانا او يعتمدون على أخبار يسمعونها من هنا او هناك، مشيرة إلى أنّ مواجهة هذه الإشاعات تكون من خلال توعية المواطنين على اتّباع مصادر المعلومات الدقيقة.

في 24 تشرين الاول من العام الماضي قال رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ أن "الشائعات حالياً تغزو الاعلام والمجتمع، وهي هدّامة وتضرب بالعمق المجتمعات والثقة بين الشعب والمسؤولين والادارة، فنجد انفسنا امام ازمات لا سبب لها"، وأمس اطلق رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ موقفا مماثلا من الشائعات، ولكن متى تتحرك السلطات بوجه مطلقيها وهم يعلمون جيدا هويّتهم، ويعلمون جيّدا أن بقاء الشائعات على هذا الشكل سيؤدي الى أزمة وجودية كبيرة؟!.