ترأس ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ القداس الإلهي في باحة معهد الرسل- ​جونيه​، إحتفالا بعيد القربان الذي دعا إليه تجمع كهنة وأبناء الرعية.

وألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان:"خذوا كلوا، هذا هو جسدي يبذل من أجلكم. خذوا اشربوا كلكم، هذا هو دمي يُراق من أجلكم"، مشيرا فيها الى أن "سر القربان، وهو سر حضور يسوع الحقيقي تحت شكلي الخبز والخمر المحولين إلى جسده ودمه، يجمعنا كسر إيمان ورباط محبة ومنبع تقوى".

ولفت الراعي الى "أننا نحتفل بسر القربان الذي به تحيا الكنيسة، لأن حضور الرب يسوع الدائم فيها، محققًا وعده:" وها أنا معكم طول الأيام الى انقضاء ​العالم​" (متى 20:28 ). من الذبيحة القربانية تنبع ​الحياة​ ​المسيحية​ كلها وتبلغ ذروتها، اذ تقبل كنز الكنيسة الروحي الذي هو ​يسوع المسيح​ نفسه، الخبز الحي، النازل من السماء. أمام سر محبة المسيح العظمى التي حملته على تقدمة ذاته ذبيحة فداء عن جميع البشر، ووليمةً روحية لحياتهم، وجعلهما حاضرين أبدًا في ذبيحة القداس، فإننا نعبد ونسير في التطواف متأملين بسر محبته هذا، ومعلنين إيماننا به، ونحن نختبر محدودية عقلنا البشري. إنه لسر عظيمٌ، سر ​المحبة​ والرحمة".

وأضاف: "بعد أن غسل الرب يسوع أرجل تلامذه، وجعلهم كهنة العهد الجديد، قال لهم:" لقد تركت لكم قدوة" (يو15:13) في بذل الذات والتواضع في الخدمة. فكانت الثقافة المسيحية القربانية التي تُلهم الأفكار والأعمال والمبادرات. لقد أعطى بمثله مفهوما جديدا للسلطة، أكانت في الكنيسة، أم في العائلة، أم في المجتمع، أم في ​الدولة​. وسبق وعلم في موضعٍ آخر "من أراد أن يكون فيكم الأول، فليكن لكم خادما ومن أراد ان يكون الأول فليكن للجميع عبدا. فإن ابن الانسان لم يأت ليخدم بل ليخدم، ويبذل نفسه فدى عن كثيرين". فإذا لم تكن ممارسة السلطة بهذا المفهوم وبهذه الروح، أضحت إهمالا أو إقصاء أو تسلطا أو ظلما أو إستغلالا أو إفراطا".

وذكر "أننا نسمع في هذه الأيام صرخة المؤسسات الاجتماعية التي تعنى بالمعاق واليتيم ومجهول الوالدين وذوي الاحتياجات الخاصة وسواها من الحالات الاجتماعية الصعبة. هؤلاء هم حصة الدولة ويقعون على ضمير المسؤولين فيها، فيما المؤسسات الخاصة تساعدهم على القيام بواجبهم، أما هم فيبادلونها بالإهمال وحجب المتوجبات المالية عنها"، متسائلا: "ماذا يعني كل ذلك؟ أيريد المسؤولون في الدولة عندنا قهر هؤلاء الأشخاص الذين لهم كرامتهم، وحاملون صورة الله، وفيهم تتواصل ​آلام المسيح​ لفداء خطايا البشر؟ هل يريدون ذلك بإقحام هذه المؤسسات على إغلاق أبوابها، ورمي هؤلاء على عاتق والديهم أو في الشارع؟ أيعرف المسؤولون عندنا أن ثقافة الدول تُقاس بمقدار عنايتها بذوي الحالات والاحتياجات الانسانية والاجتماعية الخاصة؟ يقولون أنها "مؤسسات وهمية". أما نحن فنقول لهم إبحثوا عن الوهمية وأعلنوها وأقفلوا أبوابها، وأُلغوا التقاعد معها. من جهتنا ككنيسة لسنا نغطي أية مؤسسة تتصف بالوهمية".