قبل أحداث الجبل وتحديداً إشكال بلدة البساتين الذي سقط ضحيته شابان من موكب وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​، لم تكن العلاقة بين ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ و​الحزب الديمقراطي اللبناني​ في أحسن أحوالها، وقد سبق أن سقط شاب من الحزب الإشتراكي في أيار من العام ٢٠١٨ بسبب إشكال مسلح وقع بين الفريقين في الشويفات، على خلفية نتائج الإنتخابات النيابية. ولكن، ما تشهده العلاقة بين المختاره وخلده الّتي يسودها التوتر، بعد أحداث الجبل لم تكن كذلك يوماً. شرارة البساتين أشعلت الحرب بين الفريقين الدرزيين وعلى كل المستويات. في السياسة فُتحت الحرب، ولم يمر يوم منذ حصول الأحداث وحتى اليوم، من دون تصريح من هنا ورد عليه من هناك. الكاميرات مع عدة البث المباشر لا تفارق دارة "المير طلال" في خلده وأحياناً يفتح الهواء من هناك للوزير الغريب أو للحليف الحاضر دائماً لقصف جبهة المختاره وبأثقل العيارات، ألا وهو رئيس ​حزب التوحيد العربي​ ​وئام وهاب​، وعندما شعر رئيس الحزب الإشتراكي بأنّ الرد عبر تويتر لم يعد كافياً، إستعمل أقوى ما لديه وردّ بهجوم عنيف وبنبرة عالية من على منبر دار ​طائفة الموحدين الدروز​ وبعد حضوره إجتماعاً إستثنائياً للمجلس المذهبي.

هذا في السياسة، أما الشق الأخطر من هذه الحرب فهو المتعلق بالحرب الإلكترونية. وفي هذا السياق، تكشف المصادر المتابعة أن الفريقين يشددان في العلن على ضرورة إنتظار نتائج التحقيقات وعلى عدم تسييسها، وفي الوقت عينه يقومان بإصدار الإحكام المبرمة بحق بعضهما البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى هذا الصعيد، يقول المتابعون "صحيح أن الحزب الديمقراطي اللبناني سلّم وزير الدفاع ​الياس بو صعب​ مجموعة من الأفلام والصور التي يعتقد أنها تثبت تورط مناصري الإشتراكي بالكمين، وطلب ضمّها لملف التحقيقات، وصحيح أيضاً أن أرسلان عبّر عن لومه لوزير الدفاع لأنه لم ينشر ما لديه من مستندات على رغم ما يطاله من إتهامات إشتراكية، لكن الحزب الديمقراطي إحتفظ في الوقت عينه، بنسخ عن هذه الأفلام، وهو يقوم بين الحين والآخر بنشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وذلك بعد إخضاعها للمونتاج بطريقة تؤثر بالرأي العام وكل ذلك تحت عنوان كشف الحقيقة كاملةً. الحزب الارسلاني، لا يتكل في حربه الإلكترونية هذه على افلامه وصوره فقط، بل يعرف تماماً أن سوء حظ الحزب الإشتراكي لعب لمصلحته. وفي تفسير اوضح من سوء حظ الإشتراكيين أن وزير الدفاع كان برفقة رئيس ​التيار الوطني الحر​ وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ في جولته على قضاء عاليه، وعلى بعد كيلومترين من إطلاق النار عندما حصلت الإشكالات في ​قبرشمون​ والبساتين وقرى اخرى، وكانت المفرزة السبّاقة التي ترافقه تصوّر كل ما تراه من إشكالات يفتعلها الإشتراكيون، كذلك فقد قامت مخابرات الجيش على الأرض بتصوير وتوثيق كل شيء إضافة إلى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. ما تقدم يعني عملياً أن إرسلان مطمئن البال لكثرة الأدلّة والإثباتات التي تدين الإشتراكيين، لذلك يرفع سقف هجومه ومطالبه ويذهب في معركته السياسية والإلكترونية ضد جنبلاط حتى النهاية. في المقابل لم ينشر الحزب الإشتراكي منذ حصول الأحداث إلا فيلماً واحداً وهذا يظهر ضعف الأدلة لديه وهو أمر طبيعي تقول المصادر المتابعة، على إعتبار أنه الجهة التي قطعت الطرقات على مواكب باسيل والغريب ولم يكن من مصلحتها توثيق ما حصل بالصوت والصورة.

هذه الحرب الإلكترونية بين جنبلاط وأرسلان قد تكون الأخطر راهناَ كونها قد تعيد تجييش الشارعين في أيّ لحظة، وقد تنسف كل محاولات التهدئة. فهل ستستمر بهذه الوتيرة حتى بعد دفن رامي سلمان بالأمس ودفن رفيقه سامر ابو فراج اليوم؟.