حذرت مصادر وزارية لبنانية، واسعة الاطلاع، من تبعات الخلاف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، على خلفية إصرار الأول على إحالة مقتل اثنين من مرافقي وزير في الجبل على المجلس العدلي، في مقابل تفضيل الثاني اعتماد الحل السياسي والاحتكام إلى القضاء، لتحديد من هو المسؤول.

ورأت أن هذا الخلاف يمكن أن ينعكس على الوضع الحكومي، ويدفع باتجاه تعطيل جلسات مجلس الوزراء، وتحويل الحكومة إلى مجرد هيئة تشرف على إدارة التأزم السياسي، في ظل ظروف دقيقة يمر بها البلد، وتستدعي الإسراع بالاستجابة لخريطة الطريق التي أقرها "مؤتمر سيدر" للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

وذكرت المصادر الوزارية لـ"الشرق الاوسط"، أن الوضع اللبناني لا يحتمل إقحام البلد في اشتباك سياسي يؤدي إلى تعطيل جلسات مجلس الوزراء، بذريعة الخلاف حول إحالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي، مشيرة الى ان هذا الأسبوع مع عودة الحريري إلى بيروت سيكون حاسماً لجهة تحديد مصير جلسة مجلس الوزراء، لأنه من غير الجائز ترحيلها، فيما بات على الحكومة الانعقاد للنظر في التعديلات المقترحة على مشروع الموازنة، تمهيداً لإحالته على البرلمان لمناقشته وإقراره".

واعتبرت المصادر أن "هناك أصول لإحالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي تبدأ في التحقيق القضائي لتبيان ما إذا كانت الحادثة ناجمة عن نصب كمين لوزير شؤون النازحين صالح الغريب، أو لغيره، من قبل محازبي الحزب التقدمي الاشتراكي، احتجاجاً على زيارة رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية ​جبران باسيل​ إلى بلدة كفرمتى في قضاء عاليه.

ورأت أن إحالة هذه الحادثة، من دون أي تحقيق قضائي، تعني أن هناك من يود توجيه تهمة جاهزة إلى "التقدمي"، وصولاً إلى تحميله مسؤولية كل ما حدث، وسألت: لماذا يصر البعض على أن يستبق التحقيق؟ وهل يكفي الركون إلى ما صدر عن وزير الدفاع الوطني إلياس بو صعب، وعن خصوم وليد جنبلاط لإلصاق التهمة بالتقدمي؟.

وتساءلت المصادر عن سبب عدم تجاوب رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني، طلال أرسلان، بتسليم من هم في موضع الشبهة، خصوصاً أن "التقدّمي" تقدّم من اللواء إبراهيم بلائحة بأسماء المشتبه بهم لمشاركتهم في الحادثة". وكشفت أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي المكلّفة من قبل النيابة العامة التمييزية التحقيق مع المطلوبين أفرجت عن ثلاثة منهم لعدم وجود أدلة تثبت ضلوعهم أو مشاركتهم في الحادثة.

ولفتت المصادر الوزارية إلى أن هناك إمكانية لاستيعاب التداعيات المترتبة عن هذه الحادثة، شرط عدم السماح لأطراف خارجية، تحديداً النظام في سوريا، بالتدخّل، خصوصاً أنه يرعى المحاولات الجارية لتطويق جنبلاط. ونقلت عن "التقدمي" عتبه الشديد على رئيس الجمهورية على خلفية قوله أخيراً إن ما حدث في عاليه ليس عارضاً، يجب ألا يتكرّر، وما حصل في عام 1983 لن يتكرّر اليوم، وحرية تنقّل اللبنانيين في المناطق يجب أن تبقى مصانة.

وعزت المصادر العتب إلى أن رئيس الجمهورية استبق التحقيق القضائي، وتبنّى وجهة نظر فريق معين، إضافة إلى أنه ليس مضطراً إلى استحضار ما حصل في عام 1983 عندما كان قائداً للواء الثامن في الجيش اللبناني المتمركز في حينها على جبهة عاليه - سوق الغرب. وأشارت إلى أن «عون هو الرئيس المنتخب، ولم يكن مضطراً إلى استحضار محطة من محطات الحرب الأهلية في لبنان.

وأعربت عن أملها بأن يلعب الدور الذي يجمع بين اللبنانيين، خصوصاً أن جنبلاط كان وضع ملف حادثة الشويفات بين يديه لإيجاد المخرج الذي يعيد الهدوء إلى هذه البلدة، ويقطع الطريق على تكرارها، لكن أرسلان لم يتجاوب معه.

وأضافت المصادر أن بين الأخطاء أيضاً إصرار تكتل لبنان القوي برئاسة جبران باسيل على تقديم نفسه، وكأنه هو الذي يدير المعركة السياسية ضد جنبلاط، وانتقال الوزير في حزب الله، محمود قماطي إلى منزل أرسلان في خلدة، وإعلانه في حضوره أن زمن الميليشيات قد ولّى، وأن هناك محاولة للنيل من سلامة وزير في الحكومة، في إشارة إلى الغريب.

وأشارت أخيراً إلى رد فعل الحضور في اجتماع المجلس المذهبي الدرزي على موقف وزير المهجرين الذي ربط دفن الضحيتين بإحالة الحادثة على المجلس العدلي، ونقل على لسان شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ نعيم حسن قوله: إننا نستنكر التدخّل في شؤوننا، ونحن مسلمون، وإكراماً للميت يجب دفنه.