إذا كان كل شيء بات مرتبطًا بانعقاد جلسة ل​مجلس الوزراء​، ومجلس الوزراء لا يجتمع، فكيف ستتحلحل الأوضاع؟

الجواب: الأوضاع لن تتحلحل.

هذه ليست فرضية بل هي واقع، إلى ان ينشأ واقع جديد.

الواقع الحالي هو التالي:

منذ حادثة الجبل في 30 حزيران الفائت، والتي باتت تُعرَف بـ "حادثة ​قبرشمون​" أو "حادثة البساتين"، وضع رئيس الحزب الديموقراطي النائب ​طلال إرسلان​ شرط إحالة الحادثة على ​المجلس العدلي​ بعدما تمَّ توصيف ان الحادثة كانت معدَّة لاغتيال وزيرين أو وزير هما: الوزير ​صالح الغريب​ والوزير ​جبران باسيل​.

إنقسمت الحكومة، ومعها البلد، على هذا الطرح:

طلال إرسلان، ومَن معه، ومَن وراءه، ومَن يؤيده، تمسَّك بهذا الطرح.

وليد جنبلاط​، ومَن معه ومَن يؤيده، يرفض هذا الطرح.

***

بعد يومين على الحادثة، وتحديدا في الثاني من تموز، كانت هناك جلسة لمجلس الوزراء في ​السرايا الحكومية​، حضر رئيس الحكومة وبدأ توافد الوزراء، إلى ان جاء خبرٌ من ​وزارة الخارجية​ أن الوزير جبران باسيل يعقد اجتماعًا لكتلته الوزارية المؤلفة من أحد عشر وزيرًا وأن شرط الإنتقال إلى السرايا للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء هو طرح إحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي، ولم يكد يمر على الحادثة 48 ساعة.

***

شعر الرئيس ​الحريري​ "بكمين وزاري" نُصِب له، طارت الجلسة ليخرج الحريري ويُعلن في مؤتمر صحافي: "ما حدا يلعب معي هيدي اللعبة" (أي لعبة التعطيل)، لكن بعد فوات الاوان، فقد تمت "اللعبة معه" وجرى تعطيل مجلس الوزراء، ولا ينفع التهديد بعدما وقعت الواقعة.

***

بدأ كل طرف يجمَع الأوراق بين يديه:

تمت المصالحة بين الرئيس الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط في عشاء ​عين التينة​ عند الرئيس ​نبيه بري​.

أبلغ رئيس تكتل لبنان القوي، رئيس ​التيار الوطني الحر​، وزير الخارجية جبران باسيل مَن يعنيهم الأمر ان لا جلسة لمجلس الوزراء دون طرح إحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي، شعر الرئيس الحريري بانه مكبَّل اليدين وبانه غير قادر على القيام بأي خطوة، فخرج بنظرية السفر في "إجازة خاصة" لثمانٍ وأربعين ساعة، لاعتقاده ان مرور الوقت يبرِّد النفوس.

مرَّت الإجازة الخاصة، عاد الرئيس الحريري إلى بيروت، لكن الأمور لم تبرد، وبقي الجميع "على سلاحه" السياسي.

مجددًا خرج الرئيس الحريري عن هدوئه ليُعلِن مساء الثلاثاء، وكانت قد مرَّت ثمانية أيام أن "لا جلسة لمجلس الوزراء قبل أن يهدأ الجميع، وخليهم يروقوا على الناس وعلى البلد".

لكن ما لم يقله الحريري هو: مَن هم الجميع الذين يجب أن يهدأوا؟ ومَن هم الذين يجب ان يروقوا على الناس وعلى البلد؟ وفي حال لم يهدأوا ولم يروقوا، هل هذا يعني ان مجلس الوزراء لن ينعقد؟

***

هذا يعني ان "المنطق" يسير معكوسًا في هذا البلد، فمجلس الوزراء يجب ان ينعقد خصوصًا حين تكون هناك أزمات، اليس هو السلطة التنفيذية التي تعالج الأزمات؟

فإذا كان لا يستطيع الإنعقاد عند الأزمات، فما هو دوره إذًا؟ وهل من لزوم له في هذه الحال؟