اكّد وزير الخارجية ​جبران باسيل​ "ان دستورنا ينص على العيش المشترك فالنموذج اللبناني بالنظام التشاركي يؤمن الطمأنينة لكل الاقليات ويمنع اي تعصب وهذا ما يسمى بالديمقراطية التوافقية، كما انه يضمن الوحدة الوطنية".

ولفت باسيل في كلمته في الاجتماع الوزاري ل​مؤتمر​ تعزيز الحريات الدينية في ​واشنطن​، الى ان انا أشارك للمرة الثانية في مؤتمر حرية الأديان، الذي تنظمه وزارة الخارجية الأمريكية مشكورة، ومشاركتي هذه ليست فقط من بابعلاقة بلدي بالولايات المتحدة وحبي لهذه المدينة الجميلة،ومن باب إهتمامي الكبير بمسألة حرية الأديان وحماية الأقليات والحفاظ على التنوع والشراكة في الشرق الأوسط.

الله خلقنا مختلفين ومتنوعين، فإذابالإنسانية تتشكل من الوان مختلفة، وأعراق مختلفة، وإذا بالإنسان يختار أديان متعددة فمنهم من يعبد الإله الواحد ومنهم من يعبد الآلهة المتعددة ومنهم من لا يؤمن بإله ويعيش إنسانيته من دون دين، فلا إله أفضل من الله طالما الله واحد، فكلنا تجمعنا الإنسانية، ويحمينا القانون وتنظم حياتنا العادات والتقاليد.

وشدّد على ان أنا آتٍ اليكم من لبنان بلد التعايش فيما بين الأديان، والبلد الوحيد في المنطقة الذي أبى إلا أن تكون السلطة مقسمة مناصفة فيما بين الأديان، فلا تشعر أقلية بسطوة أكثرية، ولا تهدر حقوق طائفة من قبل أخرى،

واضاف ان لا يسيطر العدد على حساب الشراكة، فنحن في لبنان أوقفنا العد، لأننا توافقنا على العيش المشترك، وجدنا الصيغة المناسبة ليشعر كل منا أنه قوي ويعيش في أمان، ووجدنا أن حقوق الأقليات لا تحفظها إلا المشاركة في السلطة والوجود الفعلي في مركز القرار، فكلما كان النظام تشاركياً، كلما إطمأنت الأقليات الى مستقبلها، وإبتعدت عن الهجرة الى دول تشبهها عرقيا أو إثنياً أو دينياً، فالمشاركة في أجهزة الدولة الأمنية والقضائية والإدارية تعطي الطمأنينة لعناصر المجتمع كافة، وتصبح هذه الأجهزة أكثر عدالة وينتظم عملها، فلا تجنح نحو التطرف والتمييز بين مكونات الشعب على أساس العرق أو الدين أو اللون.

باسيل أشار الى ان منطقة الشرق الأوسط عانت على مر التاريخ من الإضطهاد على أساس الدين، فالمنطقة بحد ذاتها جمعت ​الديانات​ السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام، كما تفرع من هذه الديانات مذاهب متعددة، أعطت طابعاً متميزاً لمنطقتنا ولكن في نفس الوقت شكلت منطلقاً للكثير من النزاعات الدموية التي أدت الى تصاعد الإرهاب. فكان الصراع بين اليهود وروما، ومن ثم المسيحي-الإسلامي، ومن ثم اليهودي-العربي، ومن ثم العربي-العربي، والسني-الشيعي وصولاً الى أحداث الفلاشا في إسرائيل وثورتهم على التمييز العنصري داخل المجتمع الإسرائيلي. وفي خضم كل هذه الأحداث يقف لبنان شامخاً، حيث يشكل نموذج الحكم فيه منطلقاً صلباً للتشارك في الحكم والمحافظة على حرية ممارسة الأديان.

وختم ان البعض قد يقول أن هذا النظام هش وتعرض للإهتزازات، وصلت الى حد شل البلد، وهذا صحيح لكن إرادة العيش معاً هي أقوى من هشاشة النظام، وهي الأساس في نجاح النموذج اللبناني. فلبنان لن يكون كما هو في حال فقد مكون من مكونات مجتمعه ونسيجه الإجتماعي، والخطر الأساسي في ذلك هو التوطين أو إدماج النازحين واللاجئين، واللبنانيون يريدون العيش معاً والإستفادة من تنوعهم وتعدديتهم، لذلك أدعوكم جميعاً مساعدة لبنان للحفاظ على تنوعه ونظامه حتى لا يسقط النموذج ويحل مكانه ظلام الأحادية. ​النظام اللبناني​ القائم على حرية الأديان هو حاجة للإنسانية- حافظوا عليه.