نهاد الشامي، اسم بات على كل شفة ولسان، وبات مرتبطاً في ​لبنان​ والعالم باسم ​القديس شربل​، كونه من الربّ يسوع شفاها بنعمة من القدّيس شربل منذ نحو ربع قرن. اللافت في هذه المرأة انها بقيت على ايمانها "البسيط" مدة 25 سنة، ولا تنسب اي فضل لها ولا تدّعي او تحب ان يدّعي احد انها قديسة، وتكتفي عند سؤالها عمّن هي بالنسبة الى نفسها والناس بالقول انها "علامة على الارض بفضل الجرح الذي تركه القديس على رقبتها".

حياة نهاد الثمانينية لا تختلف عن حياة ايّ منا في عمرها: علامات تركتها السنوات على بشرتها، تعب ظاهر على وجهها، طيبة لا يمكن اخفاؤها، وميزة صلاة المسبحة التي لا تفارق يدها... الاعجوبة التي خصّها بها الله بواسطة قديسه شربل، لم تنعكس فقط على صحّتها، بل تركت اثرها على هذه الأمّ لإثني عشر ولداً.

الأعاجيب رسّخت الإيمان

تطوّرت علاقة نهاد الشامي بالله وشربل شيئاً فشيئا،ً فكلّ حدث حصل معها اعتبرته إختباراً قوّى إيمانها منذ رحلة الجراحة الأولى في الكلية التي أجراها لها وصولاً الى الجراحة في عنقها، "وهذا كلّه صنعه ​مار شربل​ بمعيّة ​مار مارون​ والعذراء مريم التي استنجدت بها في المرتين (الاعجوبة الاولى والثانية) فوجدتها حاضرة لتخفف عنها الالم". وتضيف نهاد: "عندما حضر مار شربل في الاعجوبتين ليجري لي الجراحة، خفت لأنهما اجريتا دون تخدير، فتضرعت الى العذراء مريم أن تمدّني بالعون وفي كلّ مرّة كنت أجدها حاضرة بين القديس شربل والقديس مارون وكانت تتحدث إليهما، ولا تلبث ان تبدأ الجراحة حتى تنتهي دون أن أشعر بشيء".

بركة عيد الغطاس

ولـ"شربل" علامات كثيرة تركها في حياة نهاد الشامي، كانت في كلّ مرّة تهزّها لكنها تعود لتقوّي إيمانها... في "عيد الغطاس" يفتح المؤمنون أبوابهم منتصف الليل فيحضرون "العجينة" ويبدأون الصلاة، ولكن النعمة التي تنالها نهاد الشامي في هذه المناسبة تكون مضاعفة. ففي تلك الليلة يبارك شربل شجرة الزيتون التي في منزلها ويجول في أرجاء المنزل ليبارك ساكنيه ويصلي صلاةً -هي من الرُتب المارونيّة السريانيّة القديمة يبارك الكاهن المنزل الّذي يزوره بالمياه المقدّسة- لا تعرفها بحسب ما تقول، ثم يذهب. تشير نهاد الى أنه "ومع بداية هذه العادة كانت تخاف البوح لأحد بكل هذه الامور ولكنها كانت تكتفي بإعطاء بعض أغصان الزيتون للجيران والأهل والمقربين، وكان كلّ من يعاني من شيء، يرتاح". وتضيف: "ذات مرّة في عيد الدنح أو الغطاس، طلب مني مار شربل أن أخبر ما يحدث معي في هذا العيد وأن أبلغ الناس أن هذه الشجرة مكرّسة وأن أعطيهم منها، وهكذا فعلت وبدأت تحصل الشفاءات"، لافتة الى أن "الشفاء الأهمّ يتمّ بالإيمان وبالصلاة".

"صورة شربل العجائبية"!

من يقصد منزل نهاد الشامي ينال بركة من نوع آخر، ففي صدر المنزل صورة كبيرة للقديس شربل موجودة منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً بعد الأعجوبة في عنقها، وتشير نهاد الى أنها خلال قيامها مرة بزياح تكريم العذراء مريم في شهر آب، إستيقظت ووجدت صورة القديس شربل مضمّخة بالزيت الذي حاولت مسحه عن الصورة لكنه لم يكن يتوقّف عن التدفّق الذي بقي على مرّ السنوات". وتضيف: "تعرّض منزلي لحريق كبير أتى على كلّ شيء، وتمكّنت زوجة ابني من اطفائه دون ان يتمكن من صورة القدّيس أو من الزيت الذي يرشح منها"، معتبرةً أن "لهذه الصورة والزيت هدفان ورسالة أن قدرة الله أقوى من كلّ شيء".

إمرأة كباقي البشر

كثيرون يظنّون أن نهاد الشامي تختلف عن باقي الناس فهي لا تمرض وهذا ليس صحيحاً، فمؤخراً عانت من ألمٍ في ظهرها اضطرها في الكثير من الأحيان الى التغيّب عن المسيرة في عنايا في 22 من كل شهر. هنا تعتبر أن "الرسالة واضحة، فهي علامة على الأرض ولكنّها إنسان كباقي البشر وليست قدّيسة". في حين أن كاهن رعية الفيدار الاب ​طوني خوري​ الذي تابع قصّتها، يرى أن "ما حدث مع هذه المرأة لم يعد يخصّها وحدها بل أصبح يخصّ الكنيسة أجمع"، لافتا الى أن "القديس شربل أخبرها أنها ستكون "العلامة" لحضور الله في قلب العالم، وطلب منها أن تقيم قداس شكر في 22 من كلّ شهر في عنايا"، مضيفا: "من ينظر الى الأعداد الضخمة والبحر البشري المشارك في هذه المسيرة شهرياً يدرك أن نهاد الشامي تؤدّي دوراً كبيراً".

قبل أعجوبة شفاء نهاد الشامي منذ 25 عاماً، إجتاحت أعاجيب القديس شربل العالم، واليوم ازداد الزخم وبقوّة ولم يتراجع، والواضح من خلال هذا الفيض من الاعاجيب أن الله يريد أن يَخلُص الناس من خلال القديس شربل، عبر الايمان والصلاة، فمحبّة شربل وتواضعه مستمدّان من دفق نور الله ومحبّته اللامتناهية.