لفت رئيس أساقفة ​بيروت​ المطران بولس عبد الساتر خلال مشاركة أهالي فرن الشبّاك و​التحويطة​ و​عين الرمانة​ إحتفالاتهم بعيد مار نوهرا إلى أن "وجودي في كنيسة مار نوهرا للإحتفال معكم بعيد شفيع بلدتكم، يعيدني إلى ذكريات كثيرة وقديمة، الجميلة منها والحزينة، وكان معظم هذه الذكريات أيام الحرب التي نذكرها على أمل ألا تُعاد، كنيسة مار نوهرا جمعت الكثير من الناس الذين كانوا يأتون إليها للصلاة من أجل السلام، من ​الشياح​ كانوا يأتون إلى هذه الكنيسة، لأنه كان يتعذّر عليهم ​الصلاة​ في كنائسها بسبب الحرب وهذه الكنيسة شهدت أفراحكم وأحزانكم وكم صلّينا فيها على نيّة الموتى والشهداء والكنيسة تغيّرت بشكلها الخارجي ولكنّها لم تتغيّر بوجوه أبنائها الطيّبين. الإحتفال بعيد مار نوهرا كان وما زال عظيمًا وكنّا نأتي إلى هذه الكنيسة للفرح بالعيد حتى في أيام الحرب والخوف".

وأشار إلى أن "في هذا العيد وفي هذا القدّاس نتذّكر معًا الأباء الذين خدموا هذه الكنيسة، الأحياء منهم ومَن إنتقلوا إلى جوار الربّ. أتذكرّ الذين كانوا يقرأون الرسالة والذين كانوا في جوقة الكنيسة يمجدّون الرب بالتراتيل، أتذّكر كلّ هذه الوجوه الطيبّة، وجودي في هذه الكنيسة، في هذا اليوم المبارك، وبكثير من الفرح يعيدني طفلًا صغيرًا وأشكر كاهن الرعيّة الخوري آلان شرتوني ألذي دعاني إلى أُمسيّة هذا العيد".

وأضاف "ماذا بإمكاني أن أقول للمحتفلين بعيد مار نوهرا ، أتأمل معكم بفكرتين: الفكرة الأولى هي صورة مار نوهرا المحفورة في مخيّلتي، كنت أتساءل وأنا صغير، لماذا صورة مار نوهرا وهو في الصحراء وليس في مكان مليء بالأشجار والخضَار، فتكون الصورة أجمل ؟ مع الوقت تيّقنت أن الصحراء يمكن أن تكون المكان الأفضل للقاء الربّ، كما يَرِد في الكتاب المقدّس. في الصحراء لا شيء يشّتت العقل والفكر، وهكذا نستطيع أن نكون قريبين من الربّ يسوع. جميل أن نعود في حياتنا الروحيّة إلى الصحراء ليكون إشتياقنا أكبر لنكون مع الربّ ومع الربّ وحده. لا رغبة لدينا إلا رغبة الإقتراب أكثر من الرّب. أنا أعرف أن كثرًا منكم، وأنا أتذكر ذلك كثيرًا، يقضون ساعات كثيرة في كنيسة مار نوهرا وهم يصلّون. هم مثل القديس نوهرا إختاروا أن يجعلوا من الكنيسة التي نحن فيها، الصحراء التي يلتقون فيها بالربّ يسوع لتمجيد اسمه، أما الفكرة الثانيّة التي سأتأمل بها معكم، هي أن مار نوهرا هو شفيع البصر ونحن في أيامنا هذه، الناس تصلّي كي لا ترى ما يحصل هنا وهناك، لكننا نأتي إلى كنيسة مار نوهرا طالبين من هذا القديس أن يجعلنا نرى وجع بعضنا البعض، حتى نحمل وجع بعضنا البعض ولنرى فرح بعضنا البعض، لنفرح معُا من دون أن نحسد الفرحين بفرحهم. نطلب من مار نوهرا أن يجعلنا نرى الصغير، الذي نمرّ في بعض الأوقات، بجانبه ولا نراه ولا ننتبّه إليه، لنرى المسن الذي يعتقد البعض أنه شاخ وكبر في العمر ولا نحتاج إليه".

وتابع "لنلتقي معًا دائمًا حول الربّ يسوع بالأفراح وحتى في الأحزان التي تحمل الرجاء، لأن الذي يعيش مع ​يسوع المسيح​ لا يعرف الحزن ولا يعرف اليأس ولا البغض والحقد، بل يعيش دائمًا بالفرح والرجاء والمحبّة".