توحي جميع المعطيات القائمة على الساحة المحلية بأن لا أفق للحل، بغض النظر عن المشكلة التي يتم تناولها، فأغلب الأفرقاء باتوا في مكان آخر بعيدا عن لعبة "تدوير الزوايا" التي يبرعون بها متى أرادوا ذلك، وكأن الجميع يريد الذهاب إلى "التصعيد" والتحدّي" إلى أبعد حدود، بغض النظر عن النتائج التي ستترتب عن ذلك.

في مثل هذه الأحوال، يقفز السؤال دائماً عن الجهّة التي ستتولى إنزال الجميع عن "الشجرة". اليوم لا يبدو أن هناك من هو قادر على تولّي المهمة، لا سيّما أن جميع الأفرقاء الخارجيين ليسوا في وارد البحث عما يجري على الساحة اللبنانيّة، خصوصاً أن المنطقة "تغلي" على وقع لعبة تجميع أوراق القوة.

في هذا السياق، تطرح مصادر سياسيّة مطلعة، عبر "النشرة"، جملة من التساؤلات حول حقيقة ما يجري، أبرزها يتعلق بالتوازن القائم منذ التسوية الرئاسيّة بين "​التيار الوطني الحر​" وتيار "المستقبل"، وتسأل: "هل لا تزال هذه التسوية قائمة بعد كل الضربات التي وجهت لها من أفرقائها"؟، لتجيب: "لم يظهر الشريكان رغبة في الخروج منها، وبالتالي لا يمكن القول من الناحية العملية انها انتهت، لكن في المقابل لا يمكن القول انها لا تزال بالقوّة التي كانت عليها في أشهرها الأولى".

من وجهة نظر المصادر نفسها، لا يملك فريقا التسوية القدرة على الخروج منها، فـ"التيار الوطني الحر" يدرك أن ذلك يعني تعطيلاً لعهد رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، حتى ولو كان، من الناحية الرقميّة، يملك القدرة، مع حلفائه، على تكليف رئيس حكومة جديد، يتولى المهمة بعيداً عن ​سعد الحريري​، مع العلم أن أغلب هؤلاء الحلفاء لا يحبذون مثل هذه الخطوة.

في المقابل، تؤكّد المصادر نفسها، ان رئيس الحكومة يدرك أيضاً أن لا مصلحة له بالخروج من هذه التسوية، فهو إن كان يعلم بأن لا بديل عنه من وجهة نظر الآخرين، لديه قناعة بأن الحصانة الوحيدة التي يملكها تكمن بالتوافق المحلي على شخصه، وبالتالي ليس هناك ما يضمن له البقاء على "عرش" السراي الحكومي، إلا التفاهم مع مختلف الأفرقاء، لكن المشكلة في مكان آخر.

تشدّد المصادر السياسية المطلعة على غياب المؤشرات الخارجية للأزمة الراهنة، بالرغم من أن البعض يربطها بالصراع الأميركي–الإيراني أو الرغبة السعوديّة بالعودة إلى الساحة المحليّة، والّتي ظهرت بشكل جليّ بعد زيارة رؤساء الحكومات السابقين، فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، إلى الرياض. بالنسبة لها الأزمة محلّية، أولاً وأخيراً، وتكمن بالتوازنات الداخلية، التي يشعر بعض الأفرقاء أنها لم تعد تميل لصالحهم.

في هذا الإطار، تؤكّد هذه المصادر أنّ هؤلاء الأفرقاء على حقّ، لناحية تبدّل التوازنات الداخليّة، لكنها تشدّد على أنّ الأمر ترجمة للواقع المحلي، أيّ لا يعود إلى أسباب خارجيّة أو إستهداف إقليمي لهم، وترى أنّهم يحاولون رفع سقف المواجهة في هذا المجال لإستدعاء تدخل إقليمي أو دولي يصبّ في صالحهم، الأمر الذي تُطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام!.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، هناك من يريد أن يدفع رئيس الحكومة إلى المواجهة، من داخل تيّاره ومن ضمن حلفائه، على قاعدة أنّه مستهدف ولا سبيل له لإعادة لملمة أوراق قوّته محلياً إلا بسلوك هذه الطريق، وإلا لكانت جميع الحلول ممكنة، وتضيف: "عند هذه النقطة يتوقف المسار الذي ستسلكه الأحداث: هل يريد الحريري قلب الطاولة"؟.

في المحصّلة، تشدّد هذه المصادر على أن أساس المشكلة محلّية، لكن في المقابل البعض يسعى إلى إستدراج الخارج، الأمر الذي سيعقد رحلة البحث عن حلول في حال حصولها، ما يتطلّب السرعة في البحث عن الحلول الممكنة، حتى ولو تطلب الامر خطوات جريئة.