رغم التوسط الذي قام به المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس ابراهيم​ لحل تبعات ما حصل في ​قبرشمون​، إلا أن كلّ السبل التي تؤدي الى حلّ القضية قد سُدّت نتيجة الشروط المتبادلة التي تمّ وضعها من قبل القوى المعنيّة اي الحزبين "التقدمي الإشتراكي" و"الديمقراطي اللبناني".

آخر تطورات هذه القضية كانت المناورة التي قام بها وزير الصناعة ​وائل ابو فاعور​، الذي حاول نقل النزاع من عنوان درزي-درزي الى عنوان درزي-مسيحي، وتحديدا بين الإشتراكيين والتيار "الوطني الحر"، لعدّة أسباب، اولها لحشد التأييد الشعبي الدرزي الى جانب رئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" ​وليد جنبلاط​.

من هنا، أوضحت مصادر "النشرة" أن "كل صيغة بشأن سير العدالة كانت تسقط عند "مخاوف وليد بك"، وطلبه المصالحة مع "​حزب الله​" وليس فقط مع "الديمقراطي"، كي لا يعطي جنبلاط اعترافا واضحا صريحا بقوة رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب ​طلال ارسلان​"، مشيرة إلى أن "حزب الله ردّ بأن الأمر لا يعنيه، وتباينت الآراء في اوساطه بين موقف يدعو للمصالحة مع "وليد بك" وموقف آخر يطالب بعدم التدخّل، لكن الغالبيّة في اصحاب القرار داخل الحزب أيّدت وجوب بت الحل لأنّ البلد لا يحتمل مزيدا من الضغوط والجمود".

وأضافت المصادر أنه "في السابق كان الهجوم بالمواربة على رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ وفي ما بعد بات الهجوم بالمباشر، وذلك لمطالبته بتحويل القضيّة الى القضاء المرجع الصالح لحل هذه الاشكاليّة، ما شكّل تصعيداً غير مسبوق"، لافتة إلى أنه "في هذا الإطار وعلى هذا الاساس جرى الطلب من رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ التدخّل شخصيًّا لإيجاد حل للقضيّة على قاعدة التساوي في الصلح، كون بري يمون على جنبلاط"، ومؤكدة أنه "اذا كان رئيس المجلس النيابي يصرّح بأنه ممتعض مما يجري، وأنه اوقف السعي للحل، فإن المؤشرات توحي بأنّه يعمل بهدوء وصمت لفرض حلّ متوازن على طريقة عشائريّة بين جنبلاط وارسلان كان طالبه بها رئيس حزب "التوحيد العربي" ​وئام وهاب​. ولذلك، يُرجح ان تنضج طبخة برّي بعد عيد الأضحى، على ان يعقبها تنشيط لجلسات مجلس الوزراء".

كما رأت المصادر أنه "من اللافت تدخل السفارة الاميركية بشكل علني في بيان يدعم ضمنيا جنبلاط، بعد تواصل مفتوح بين كليمنصو وعوكر، والإجتماع السرّي الذي جرى في السفارة الفرنسيّة بين رئيس "التقدمي" وسفراء غربيين كشفت عنه "النشرة" ولم ينكره جنبلاط. وهذا يعني ان الاميركيين الذين جاهروا في تدخّلهم بمسألة لبنانيّة يريدون ان ينتصر جنبلاط في نزاعه، او يقولون له علنا: اننا معك، فلا تتنازل، او يؤكدون لخصومه: لا تستضعفوه، فهو ينتصر بنا".

في السياق عينه، لفتت المصادر إلى أنه "بعد أن أُقفلت جميع السبل في وجه رئيس "التقدّمي" لناحية تصويب العلاقة مع "حزب الله"، على اعتبار أنّه مؤثّر رئيسي على ارسلان للتنازل عن المطالبة بتحويل قضية قبرشمون الى المجلس العدلي، جاء بيان السفارة الأميركيّة جرعة دعم له ليصيب بشظاياه الحزب ورئيس التيّار الوطني الحرّ ​جبران باسيل​ وارسلان وحركة برّي ليقضي على أيّ بصيص نور في الحلّ، خصوصًا أن البيان جاهر للتأثير على المسار القضائي في قضيّة قبرشمون وحرفها عن مسارها لايجاد حلول على مستوى "تبويس اللحى" وعفا الله عمّا جرى وحصل"، مضيفة "جنبلاط يعوّل على بيان السفارة كي يتراجع الحزب بضع خطوات للخلف وبالتالي يصيب عصفورين بحجر واحد لجهة ايجاد مخرج عبر عودة العلاقة بين التقدّمي وحزب الله الى سابق عهدها (مع الاتّكال على لعب برّي دوراً بهذا الاطار) وبالتالي عودة العلاقة بين التقدّمي ورئيس الجمهوريّة الى حالة من الهدوء المنظّم الأمر الذي سينعكس على ايجاد مخرج لقضيّة قبرشمون، ومعامل "عين دارة" في نفس الوقت".

الأكيد من كل ما سبق، وفق المصادر، أن "ما قَبل بيان السفارة الاميركية لن يكون كما بعده بالنسبة لايجاد حلّ بالعلاقة بين التقدّمي الاشتراكي والحزب والتيّار الوطني ولن يكون استثناء لارسلان ووهاب بالمعادلة ابدا، واذا كان هناك من حلول على الطريق فلن رح يكون من دون الشركاء الأساسيين".