حلّت قضية التعويضات المالية للأخوين بيار و​موسى فتوش​ قضيّة أساسية على طاولة ​مجلس الوزراء​، بعد ورود إنذار من مكتب محاماة في ​الولايات المتحدة​ الأميركيّة لإيجاد تسوية للحلّ والتي كان حكم بها ​مجلس شورى الدولة​.

يقول معنيّون إن "كيديّة حصلت بالتعامل الحكومي مع هذا الملف، نتيجة مصالح لمعترضين كانوا سعوا مع أصحاب الدعوى للحصول عليها سراً، تحت طائلة معارضتهم". لكن رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ قدّم مداخلة مختلفة، دعت الى معالجة المسألة بهدوء ورويّة، لأنّه يعرف "ان المشاكسة والإستعراضات الإعلامية ستضرّ بسمعة لبنان الدولية كدولة لا تحترم القانون ولا الأحكام القضائيّة". ولذلك سعى الحريري لملمة الملف بتسوية ما.

وإذا كان وزير الخارجية ​جبران باسيل​ تصدّر المواجهة، ودعا الى تكليف مكتب محاماة للردّ، وهذا ما قرره مجلس الوزراء، فإنّ المعنيين يرون في تلك الخطوة أنها تكلّف الدولة اللبنانيّة مبالغ طائلة ولن تؤدّي الى شطب التعويضات الماليّة، لأنّها حصلت نتيجة أحكام قضائيّة مبرمة غير قابلة لا للطعن ولا للنقد المحلي او الدولي.

المهم هو كيفية مسار القضية؟

تقول جهات معنية ومطّلعة ان الحل "يكمن بالتسوية"، لا من خلال المحاكم، "لأن طبيعة الأحكام القضائية التي نالها فتوش تفرض التنفيذ"، ممّا يعني ان كل تأخير سيعرّض الخزينة لمزيد من الأعباء، وهذا ما دعا رئيس الحكومة الى الحل، وفرضَ صمتَ وتفرّجَ وزير المالية ​علي حسن خليل​ عند مقاربة باسيل للملف.

يقول المعنيون إن السياسيين هم المسؤولون عمّا وصلت اليه الأمور، لا القضاء، ولا فتوش. ويروي مطّلعون كيف تنصّلت الدولة من مسؤولياتها منذ عام ١٩٩٩، عندما اقدم رئيس الجمهورية إميل لحود آنذاك على إتخاذ قرار إغلاق الكسّارات بدفع من رئيس "التقدمي" ​وليد جنبلاط​ الذي يجاهر بالخطوة. "وقتها إتُخذ قرار سياسي مربوط بمصالح ماليّة، بتفكيك ​كسارات​ فتوش، وتقطيع المعدات، بغية شطبه من معادلة الكسّارات لصالح جهات أخرى، رغم وجود توصية نيابيّة وقرارات قضائيّة، ممّا دعا المتضرّر الى تقديم دعاوى عدّة ربحها، وكان آخرها في مجلس شورى الدولة". واذا كان التشكيك بالأحكام القضائيّة قائما في كلام الوزيرين باسيل ووزير الصناعة وائل ابوفاعور، فإن حوالي اربعين قاضيا درسوا او حكموا بالدعاوى، فهل يصبح التشكيك بهم مدخلاً لضرب مصداقيتهم واعادة النظر بأحكام قضائيّة أخرى إتّخذوها؟ هناك من يلمّح الى وجود "هرطقة" في التعاطي السياسي مع هذا الملف، ويشير الى أحكام محدّدة اتّخذها وزير العدل الحالي البرت سرحال عندما كان قاضياَ، وآراء قانونية مكتوبة لأحدهم ايضاً، تصب في صالح فتوش. فما الذي تغير؟.

يقول معنيون ومطّلعون على كل تفاصيل الملفّ ان جهة حزبيّة ستقدّم مقاربة عمليّة موضوعيّة بدأت بإعدادها، تضع فيها النقاط على الحروف، بعدما وصلتها معلومات عن سباق سياسي بسبب مصالح "باهظة" في شأن هذه القضية. وستفصّل تلك الجهة كيف أن التعامل بالمسار ذاته مع ملفّ كسارات ومعمل ​عين دارة​ سيولّد ذات النتائج ويفرض على الدولة تعويضات ماليّة كبيرة لاحقاً، "نتيجة النكد السياسي".

ودعا مطّلعون الى عدم ضرب مصداقيّة القضاء، لأنّ من شأن ذلك ضرب هيبته. "فليحيّدوه عن مصالحهم وصراعاتهم، وليحترموا الاحكام التي اصدرها".