بشكل مفاجئ، حطّت طائرة ​إيران​ية يوم الأحد الماضي في بياريتز الفرنسيّة حيث تعقد قمة الدول السبع. لم يكن أحد يعلم من في داخلها حتى نزل وزير الخارجية ​محمد جواد ظريف​ منها، ولكن رغم أن الرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ كان قد وجّه الدعوة لإيران، إلا أنّ أحداً لم يتوقع أن يحضر وفد ​ايران​ي هذه القمة، خصوصاً بسبب وجود الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، فما هي الرسائل التي حملتها الزيارة؟.

تحدّ للعقوبات

أهميّة حضور ظريف في هذا الإجتماع، لا تنحصر في كونه مسؤولا إيرانيًّا فقط، بل تكمن في حضوره شخصياً وما يمثّل شخصه لا منصبه، إذ ان رأس هرم الدبلوماسية الإيرانيّة كان منذ أسابيع قد تعرّض لحزمة من العقوبات، ما أدّى إلى توقّع إزاحته من منصبه وتعيين آخر مكانه لتسهيل الحركة الدبلوماسيّة، ولكن القيادة الإيرانية ثبّتت ظريف في مكانه، وأرسلته هو لتلبية الدعوة، بتحدّ واضح للعقوبات وواضعها، ما يدلّ على ان خيار التراجع ليس موجودا في قاموس القيادة الإيرانية ولو في امور كهذه.

إيجابية دولية وسلبية ايرانية؟

ترى مصادر مطلعة ان مكانة ظريف تطوّرت في موضوع علاقة ​طهران​ مع دول العالم، وخاصة الدول السبع التي عُقد معها ​الاتفاق النووي​، مشيرة عبر "النشرة" الى انه رغم عدم لقاء ظريف مع أيّ من المسؤولين الأميركيين، إلا ان هذه الزيارة أرست أجواءً ايجابية على طريق حل الأزمة الإيرانية-الأميركية، وهذه الخطوة الإيرانيّة، تبعها اعتراف ترامب، بأن إدارته لا تريد تغيير النظام الايراني، الامر الذي يحاول ترامب الإيحاء عبره بأنه يملك القدرة على ذلك، بينما هو العكس تماما.

ولكن تشير المصادر الى أن هذه الإيجابيّة التي رأتها الدول الإوروبية، قابلها جوّ سلبي في الداخل الإيراني، إذ رأى المحافظون، أن زيارة ظريف ل​فرنسا​ لم تكن في مكانها، مشددين على أنّ تحقيق الانفراج الاقتصادي لا يكون بالاعتماد على أوروبا فقط، مشدّدة على أن موقف المحافظين دائما ما يكون معارضًا لتصرفات وقرارات الرئيس الايراني ​حسن روحاني​ ووزير خارجيته، لذلك لن يكون للاعتراض تأثيرات تذكر على الداخل الايراني.

الملف الوحيد بحقيبة ظريف...

أما بما يخص هدف الزيارة، فتضاربت المعلومات والتحليلات حول ذلك، ففيما رأى البعض أن الهدف منها هو مناقشة موضوع صناعة الصواريخ الباليستيّة، رأى البعض الآخر أن الهدف هو اعادة الضغط على أوروبا لاستيراد ​النفط​ الإيراني. وفي هذا السياق، تكشف المصادر أنّ ملف الصواريخ لم يكن على طاولة لقاءات ظريف، لانّ هذا الملف غير قابل للبحث حاليًّا، وما تريده طهران هو بيع النفط، بحيث لا يحدّد لها أحد حجم البيع أو هوية الشاري.

حقّقت زيارة ظريف الى ​باريس​ عددا من الايجابيات، وأظهرت الدور الحقيقي الذي يلعبه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في تقريب المسافات بين ​أميركا وإيران​، ولكن هذه الإيجابيّات وإن كانت لم تَرْقَ لمستوى اللقاء بين الأميركي والفرنسي، قد لا تصل الى نتيجة بحال استمرت ​اسرائيل​ ب​سياسة​ التصعيد التي تقوم بها، خصوصا بظل وجود من يقول بأن كل ما تقوم به اسرائيل يهدف لمعرفة حجم "الصبر" الإيراني، والتأكيد على أن اسرائيل موجودة دائما لتلعب الدور الذي يعجز عنه خصوم ايران في المنطقة. فهل يتمكن الرئيس الفرنسي من إنهاء أزمة استمرت لأشهر طويلة بين أميركا وإيران، أم أن لاسرائيل رأيها المغاير في هذا الإطار؟.