يجمع المراقبون على انّ آخر ما يشغل المعركة بين الكتل الانتخابية في ​إسرائيل​ هم الفلسطينيون. لا عنوان يجذب الإسرائيليين الآن حول سلام أو صفقة. تستهويهم المواقف المتعلقة بالإستيطان والضم، فيحضر الفلسطيني في البرامج الانتخابية كعقبة أمام تحقيق ضم أجزاء من ​الضفة الغربية​، أو بوصفه مشكلة أمنية يجب ردعها وضربها "بيد من حديد"، كما يقول الخبراء. في حين ذهبت بعض الكتل إلى تغييب الشأن الفلسطيني من برنامجها الانتخابي.

من هنا أتت خطوة رئيس الحكومة الإسرائيلية ​بنيامين نتانياهو​ في إقتحام الخليل، وإطلاق مواقف تصعيديّة بالقول: "نحن لسنا غرباء في ​مدينة الخليل​ وسنبقى فيها إلى الأبد، وفخور بأن حكومتي كانت أول من وضعت برنامج الحي اليهودي في المدينة لبناء عشرات الوحدات السكنية الجديدة". بذلك يذكّر نتايناهو الإسرائيليين بأنه الأكثر تشددا في مسار الإستيطان والضمّ وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، لكسب أصوات اليمين المتطرف الإسرائيلي، والمؤيدين لمخططات الاحتلال في تهويد البلدة القديمة في الخليل، بما فيها الحرم الإبراهيمي.

يرى المطّلعون إن رئيس الوزراء الاسرائيلي "يعتبر هذه الجولة من الانتخابات حاسمة، ليس فقط على مستوى أثرها على إمكانيّة محاكمته في ملفّات فساد، إنما لاستكمال مشروعه السياسي المتمثل بما يسمى أرض إسرائيل الكبرى، الأمر الذي عبّر عنه كلامياً بوعد فرض السيادة اليهودية، شاملاً البؤر ​الاستيطان​ية في مشروع الضمّ. ولذلك جاءت الأوامر الإسرائيلية العليا بالإستيلاء على أراضٍ في بيت جالا، وتقوع، والرشايده في محافظة بيت لحم. فالأمر العسكري الأول يتضمّن الاستيلاء على أراضٍ بمحاذاة النفق المقام على أراضي مدينة بيت جالا غرب بيت لحم، تحديدا حوض "2" في منطقة "المخرور"، وتعود ملكية الأراضي لأهالي بيت جالا وبلدة الخضر. ويأتي هذا الاستيلاء عليها بهدف توسيع الشارع الالتفافي رقم 60، الّذي يصل ما بين القدس ومجمع مستوطنة "غوش عصيون" جنوبا، ما يعني الاستيلاء على المئات من الدونمات الزراعية. اما الامر العسكري الثاني، فيتضمن الاستيلاء على أراضٍ في قرية الرشايدة شرق بيت لحم لتوسيع مستوطنة "معالي عاموس"، فيما الامر الثالث يتضمن وضع اليد على أراضٍ في بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم لتوسيع مستوطنات قديمة.

يجري كل ذلك وسط صمت دولي، لأنّ واشنطن تعطي الفرصة لنتانياهو من أجل ضمان نجاحه في الإنتخابات، كشريك اساسي لها في ​صفقة القرن​. وهو ما فرض الإستيطان والضم والتهجير عناوين أساسية في الإنتخابات الإسرائيلية. وبحسب الخبراء فإن ما يميز الحملات الإنتخابية هو "سقوط كلمة احتلال من البرامج الانتخابيّة لكل الأحزاب الصهيونيّة، وترسيخ المستوطنين والاستيطان كثابتة في النقاش السياسي، مع فروق طفيفة بين الحزبين الرئيسيين، إذ تدور المعركة فعلياً بين يمين شعبوي وآخر عقلاني، فيما تهرب المعارضة إلى المربع الاقتصادي والاجتماعي".

من هنا يأتي الهروب من الحروب المباشرة، وفتح باب الإستيطان والمبارزة. فماذا ينتظر الفلسطينيون لغاية موعد انتخابات الإسرائيليين؟ بإختصار: مزيد من إبتلاع أراضيهم.