لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية في افتاحيتها الى أن "قضية الخروج البريطاني من ​الاتحاد الأوروبي​ طرحت تحديات صعبة لا تزال تهز استقرار ​السياسة​ في ​بريطانيا​ وتقدم الضحية تلو الضحية من رؤساء الحكومات ابتداء من رئيس الوزراء الأسبق ​ديفيد كاميرون​ صاحب فكرة استفتاء الخروج في عام 2016، وخليفته ​تيريزا ماي​ التي صارعت للتوصل الى اتفاق خروج ناعم لكن تداعيات الداخل البريطاني أطاحت بها عن المنصب الذي تولاه ​بوريس جونسون​"، معتبرا أن "هذه القضية الشائكة ذاتها تطرح تحديات أخرى أمام الكتلة الأوروبية التي توشك على خسارة حليف كبير وهام من الممكن أن تؤدي تداعيات خروجه الى الى تشجيع نزعات انفصالية لدول أخرى، وبالتالي تهديد وحدة التكتل وتماسكه."

واضافت: "في الواقع فإن بريطانيا تجد نفسها بعد كل هذه السنوات، في نقطة انطلاقها الحرجة والشديدة الإرباك، وأمام الخيارات ذاتها، في ما يتصل بسيناريوهات البقاء أو الخروج من دون عواقب تمس بالكرامة الوطنية والمبادئ الأخلاقية"، مشيرا الى أنه "وفي آخر جلسة للبرلمان كسبت المعارضة نقطة أمام استراتيجية جونسون للخروج الخشن وأجبرته على تقديم طلب للاتحاد الأوروبي لإرجاء تنفيذ المادة 50 الخاصة بموعد الخروج المقرر في الثلاثين من أكتوبر المقبل."

وشددت على أن "محرر مجلة سليت البريطانية علق على مناقشات النواب في تلك الجلسة بأنها تحولت إلى صراع حول تعريف معنى الديمقراطية، هذا العراك حول الديمقراطية كان طابع المشهد البريطاني الداخلي منذ بروز قضية البريكست، تلك الخطوة المتسرِّعة التي حشرت ​المملكة المتحدة​ في الزاوية، بحيث بات صعباً عليها التقدم إلى الأمام، أو العودة إلى الوراء، أو البقاء في المنطقة ذاتها".

وشددت على أن "جونسون كان تلقى ضربة أخرى قبيل بدء التصويت بإعلان النائب المحافظ فيليب لي، انضمامه إلى صفوف حزب الليبراليين الديمقراطيين المؤيد ل​أوروبا​، ليخسر ​حزب المحافظين​ الحاكم أغلبيته البرلمانية، ثم مني بانتكاسة ثالثة عندما أعلن شقيقه جو، المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي، استقالته من ​الحكومة​، مؤكداً عبر ​تويتر​ أنه يقدم "الولاء الوطني" على "الولاء العائلي" وهو النائب الثالث والعشرون الذي ينسحب من الحزب المحافظ في ثلاثة أيام"، مشيرا الى أن "القضية تزداد تعقيداً مع إصرار رئيس الوزراء على إنجاح استراتيجيته المستندة على تهديد أوروبا بخروج خشن من دون اتفاق ما لم توافق على فتح الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع تيريزا ماي لمفاوضات جديدة تحقق مصالح أكبر لبريطانيا أما المعارضة البريطانية فهي تدرك جيداً جسامة الخسائر التي يمكن أن تمنى بها بريطانيا في حال عدم التوصل الى اتفاق للبريكست وتكفي هنا نظرة واحدة إلى تقديرات ​مؤتمر​ "الأونكتاد" التي قدرت خسائر صادرات بريطانيا في حال "بريكست" من دون اتفاق، بنحو 16 مليار ​دولار​، وهي ما يعادل نحو 7% من إجمالي صادرات بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، ويؤكد بيان المنظمة أن تقديرات الخسائر "متحفظة"، موضحاً أن "الخسائر ستكون أكبر بكثير، بسبب التدابير غير الجمركية، وضوابط الحدود وتعطيل شبكات الإنتاج الحالية بين الجانبين،

والمواجهة بين جونسون والمعارضة العمالية مع متمردي حزب المحافظين والليبراليين ستكون محتدمة، والخيارات المطروحة تتراوح بين إسقاط رئيس الحكومة أو إجباره على التراجع عن لهجة الخشونة والموافقة على إعادة التفاوض مع الأوروبيين."