في حزيران الماضي أطلق وزير العمل ​كميل أبو سليمان​ خطة وزارته لمكافحة العمالة الاجنبية غير الشرعية، وحماية حق ال​لبنان​يين في العمل في وطنهم، في محاولة منه لتخفيف نسبة البطالة من جهة، وهجرة اللبنانيين من جهة ثانية. يريد وزير العمل من خطته ان تضبط واقع ​العمال الأجانب​ في لبنان، اذ أصبح هذا الواقع عبئا يزيد من اعباء اللبنانيين الذين يعانون الأمرّين لإيجاد عمل يعيلهم.

في نيسان الماضي وصلت نسبة البطالة في لبنان بحسب البنك الدولي الى 40 بالمئة، وبخاصة في صفوف الشباب، معتبرا أن الامر يُنذر بأزمة اجتماعيّة، مع العلم أن بعض الدراسات تشير الى أن نسبة البطالة تفوق هذا الرقم، لذلك كان لا بد من التحرّك. تشير مصادر مطلعة الى أن اشتداد أزمة البطالة بدأ منذ العام 2012، بسبب غياب الحكومة عن التعاطي السليم مع ​النازحين السوريين​، خصوصا أن أعداد العمال منهم وصلت الى ما يزيد عن 300 ألف عامل، بينما فقط 1733 منهم يملكون إجازات عمل.

تشير المصادر عبر "النشرة" الى أن قانون العمل حدّد مجالات العمل التي يمكن للاجنبي أن يعمل بها، ولكن عدم التقيّد بالقانون جعل هؤلاء العمال ينافسون العامل اللبناني في مختلف المجالات والقطاعات، اذ لم تعد أعمالهم مقتصرة على الزراعة والبناء، بل بتنا نراهم في الصيدليّات والعيادات والمحال التجاريّة، لافتة النظر الى أن الامور تعدّت المذكور لتصل الى حد قيام الاجانب بافتتاح محال تجارية في لبنان ومنافسة اللبنانيين عبر تخفيض الأسعار والسبب في ذلك غياب التوازن بين "مصروف" العائلة اللبنانيّة ومصروف العائلة السوريّة.

ما تقوله المصادر يلخّصه صاحب محل "دجاج" في طرابلس، اذ يشير الى "أن نازحا سوريا فتح محلا مشابها قربه، وبات يبيع "الفرّوج" بسعر أقل من السعر الذي يبيعه هو، والسبب أن السوري يسكن في الغرفة الخلفيّة لمحلّه التجاري مع عائلته، ويساعده في العمل أولاده، الامر الذي يجعل مصروفه الشهري قليلا نسبة له، ما يتيح له تخفيض السعر"، مشيرا الى أن هذا الامر دفع بالزبائن للذهاب اليه، خصوصا وأن المواطن في طرابلس يبحث عن الأرخص.

إن هذا الواقع يجب ان ينتهي، والا فإن الأزمة ستكبر، لذلك جاءت خطّة ​وزارة العمل​ التي يجب التعاطي معها بإيجابيّة، وبالانطلاق من المصلحة اللبنانية بعيدا عن المصالح السياسية الضيّقة. وفي هذا السياق تبرز معضلة يتحجج بها أصحاب العمل وهي ان اللبناني لا يقبل العمل مقارنة بالأجنبي، ولا بنفس الراتب، وهذا الامر يمكن مقاربته انطلاقا من نقطتين، الاولى هي أن اللبنانيين العاطلين عن العمل وخصوصا فئة الشباب غير المتعلّم، أصبحت على قناعة اليوم بحاجتها لأيّ وظيفة، وهذا ما بدأنا نشهده في الفترة الاخيرة، والثانية هي أن صاحب العمل ملزم بتأمين حاجات اللبناني التي تمكنه من العيش في هذا البلد، أي واجب الراتب المناسب والذي يحترم الحدّ الأدنى للأجور على الاقل، والتسجيل بالضمان الاجتماعي.

اذا، يبدأ الحلّ من تطبيق القانون، فهو المرجع الصالح، وبالتالي بداية يجب إقفال كل مكان مخالف، وتوقيف كل عامل اجنبي يعمل في مهنة لا يجوز له العمل بها، وهذا ما بدأته الوزارة المختصّة، وثانيا على السوريين تحديدا وأصحاب العمل اللبنانيين، أن يعلموا بأن العامل السوري لا يُعفى من واجب الاستحصال على إجازة عمل، ولكن ما خصّه به القانون هو فقط تسهيلات معينة في سبيل الحصول عليها، تبدا من اعفائه من 75 بالمئة من قيمة رسم إجازة العمل، اضافة الى تسهيلات لصاحب العمل لناحية اعفائه من الكفالة المصرفيّة المفروضة عليه بحال كانت الجنسيّة غير "سوريّة"، والتي تبلغ مليون و500 الف ليرة لبنانية.

لا يمكن السكوت عن انتهاك حقوق اللبنانيين بهذا الشكل، وهذه مسؤوليّة الجميع في الحكومة، اذ أنّ الواجب الانساني تجاه النازحين واللاجئين لا يعفي المسؤولين من واجبهم تجاه اللبنانيين.