في علوم الإجتماع وعلم ​السياسة​، "الطبقية" في المجتمعات موجودة منذ مئات السنين، كَتَبَ عنها وفيها الفلاسفة الأقدمون والجدد وتنبَّه لها المعاصِرون.

من سقراط إلى أفلاطون إلى أرسطو إلى إبن خلدون إلى "ديكارت" إلى غيرهم كثيرين.

وكانت "الطبقيّة" تنقسم بشكل أساسي إلى:

طبقة غنية، طبقة وسطى، طبقة فقيرة.

الطبقة الغنية هي تلك التي كانت تملك الأراضي والمناجم وحقول ​النفط​ و​المصارف​ و​الذهب​ ومصادر المواد الغذائية وغيرها.

الطبقة الوسطى كانت تتألف في معظمها من الحرفيين وأصحاب المهن كالأطباء والمحامين والمهندسين والأساتذة والصحافيين.

أما الطبقة الفقيرة فكانت تتألف من عمَّال ​المصانع​ والمناجم والأراضي الزراعية.

***

الثورات في التاريخ كانت تحصل حين كانت طبقة تتحرك ضد طبقة أخرى:

فإما يثور الفقراء على ​الاغنياء​، وإما يقمع الأغنياء الفقراء، أما الطبقة الوسطى فهي غالبًا ما تدفع الثمن: كثيرون منها يتحولون إلى الطبقة الفقيرة لأنهم يخسرون أعمالهم ومصالحهم، والقليلون منها ينتقلون إلى الطبقة الغنية، ولكل منهم ظروفه وأسبابه وخلفياته ومدى ارتباطه ببعض افراد الطبقة الغنية.

***

هذه المقاييس لا تنطبق بدقّة في ​لبنان​:

الطبقات في لبنان أكثر من ثلاث، إنها سبعٌ على الأقل:

فهناك الطبقة الغنية من دون ان تكون تتعاطى في السياسة.

وهناك الطبقة السياسية من دون ان تكون غنية.

وهناك الطبقة الغنيّة التي دخلت في السياسة، ومنها مَن أفقرته السياسة، ومنها مَن راكمت السياسة ثروته.

وهناك "طبقة ​القطاع العام​" التي انقسمت إلى طبقتين:

الأولى بقي أفرادها على حالهم من البداية إلى التقاعد.

ومنهم مَن خرجوا من "الوظيفة العامة" أصحاب ملايين ومليارات.

وهناك طبقة "أمراء الحرب"، ومنهم مَن أفادته الحرب في ان تحوَّل إلى ثري، كما يدلّ على ذلك سلوكه ونمط عيشه وأملاكه سواء في لبنان أو خارج لبنان.

وهناك "حديثو النعمة" أو مَن يُطلَق عليهم بالأجنبية "Nouveaux riches".

***

هذه "الفوضى الطبقية" في لبنان والتي لا مثيل لها، هي التي تخلق الفوضى عند تقييم الأوضاع في لبنان.

ففي جولة في الشوارع والمتاجر و​المطاعم​ يختلط "حابل الثراء بنابل الطبقة المتوسطة" فلا يعود يُعرَف: هل جميعهم أثرياء أو جميعهم من الطبقة الوسطى أو جميعهم مَن انطقلوا من الثراء إلى الطبقة الوسطى.

ينطبق هذا الامر على ​السياحة​ الخارجية:

اليونان​ غير مونتِ كارلو

وقبرص غير كان

والطائرات الخاصة غير رحلات "الشارتر"

وفنادق الخمس نجوم غير الشقق المفروشة.

لكن الكلَّ يريدُ ان يُقلِّدّ الكلَ، فيغرقُ الجميعُ في فوضى الإستنتاجات.

***

في المحصِّلةِ، هذا هو لبنان، ومن الصعبِ تغييرَهُ إلى الأحسن، أمّا التغييرُ إلى الاسوأ فممكن.