منذ ما قبل المقال الذي نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، تشهد الساحة المحلية موجة واسعة من الإستهداف لرئيس الحكومة ​سعد الحريري​، لم تتوقف عند ما وصف بـ"الفضيحة من العيار الثقيل"، التي رد عليها بطريقة غير مباشرة بأنه مستمرّ في العمل، الأمر الذي تُطرح حول الهدف منه الكثير من علامات الإستفهام في الأوساط ال​لبنان​ية.

على هذا الصعيد، يتمّ التداول بأكثر من جهة تقف خلف هذه الحملة، منها الولايات المتحدة والسعوديّة على المستوى الخارجي، وبعض الشخصيات السياسية السنّية التي كانت تدور في فلكه على المستوى الداخلي، إلا أن اللافت هو أن أحداً لم يذهب إلى إتّهام أيّ فريق من المفترض أن يكون في موقع الخصومة معه، مثل "​حزب الله​" على سبيل المثال لا الحصر.

في هذا السياق، تؤكد مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أن كل المعطيات، التي تجمعت في الأيام الماضية، تشير إلى أن إستهداف رئيس الحكومة هو من قبل جهات من المفترض أن تكون حليفة له، لكنها على ما يبدو تريد اليوم الضغط عليه في أكثر من ملف، لدفعه إلى أخذ مواقفاً أكثر تشدداً على الساحة المحلية، بالرغم من قناعتها بأنه ليس في هذا الوارد بأي شكل من الأشكال.

وتشير هذه المصادر إلى أن البداية كانت من خلال موجة من الإعتراضات على كيفية إدارته التسوية الرئاسية مع "​التيار الوطني الحر​"، على قاعدة أن رئيس الحكومة يستسهل التخلي عن صلاحياته الدستورية التي حصل عليها بعد إتفاق الطائف، الأمر الذي ينعكس واقعاً سلبياً على الطائفة السنية في لبنان، وتوضح أن الهدف من وراء ذلك كان دفعه إلى قلب الطاولة، إلا أن الحريري رفض هذا الأمر، وتضيف: "في الوقت الراهن يبدو أن الحملة تشتد بهدف حرق أوراقه على الساحة السنية بالدرجة الأولى قبل أي أمر آخر".

على هذا الصعيد، لا تتردد هذه المصادر في القول أن إستهداف الحريري هو إستهداف غير مباشر لـ"حزب الله"، بغض النظر عن الخلافات السياسية بين الجانبين، حيث أن الحزب يدعم وجود رئيس الحكومة في موقعه، نظراً إلى ما يشكله ذلك من ضمانة على مستوى الإستقرار الداخلي، في حين أن الجانب المقابل يعتبر أن إستهداف أو إزاحة الحريري من موقعه هو خطوة في مسار التضييق على الحزب، لا تنفصل عن الضغوط الإقتصاديّة التي تمارس من جانب الولايات المتحدة وبعض الدول العربية.

من وجهة نظر المصادر النيابيّة في قوى الثامن من آذار، ما ينطبق على الحريري ينطبق أيضاً على رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ووزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، وتشدد على أن الموقف اللبناني بعد الإعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، على ما يبدو، لم يمر مرور الكرام، خصوصاً أن موقف رئيس الحكومة كان متقدماً على هذا الصعيد، وهو حظي بتقدير من جانب "حزب الله" وأمينه العام ​السيد حسن نصرالله​.

وتلفت هذه المصادر إلى أن القوى التي تحرض على رئيس الحكومة لا تملك أي خيار بديل في المرحلة الحالية، فالحريري لا يزال هو الشخصية الأولى على الساحة السنية ويحظى بشبه إجماع وطني من قبل مختلف القوى السياسية، لكنها توضح أن المطروح ليس إستبداله بشخصية أخرى في رئاسة الحكومة، بل الدفع نحو الفراغ أو الفوضى بغض النظر عن التداعيات التي قد تترتب على ذلك.

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن المطلوب قد يكون أن يدرك الحريري هذا الواقع جيداً، وترى أنه يذكر بما حصل معه لدى إحتجاز حريته في ​السعودية​ قبل ​الإنتخابات النيابية​ الأخيرة، لكنها في المقابل تشدد على أنه اليوم محلياً قد يكون أقوى من أي وقت سابق.