تحرك الشارع اللبناني بجزء منه الأسبوع الماضي اعتراضا على ​الوضع الاقتصادي​ الصعب، فوقع الهرج والمرج كما جرت العادة، قطع طرقات وإحراق إطارات، شعارات مسيئة، وغيرها من الأمور التي تثير القلق، وتفتح الباب أمام موجة اتهام لأطراف سياسية بتحريك الشارع لتصفية حسابات سياسية. كذلك منذ أيام المح رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ الى إمكانية الدعوة للتظاهر، فهل ندخل في لعبة الشارع مجددا انطلاقا من الدعوات "اليتيمة" التي تدعو للنزول الى ساحة الشهداء الأحد المقبل؟.

تؤكد مصادر سياسية مطّلعة أن الدعوة للتظاهر نهار الأحد المقبل لم تنطلق من قيادة "​التيار الوطني الحر​"، وهو لا يتبناها أصلا، مشيرة الى أنه لم يبحث اي دعوة في هذا السياق لا الاحد المقبل ولا حتى في ​ذكرى 13 تشرين​ الأوّل التي هي مناسبة حزبّية سنوية لا علاقة بالأحداث الحالية في البلد، بغض النظر عن الرسائل السياسية التي يمكن ان يحملها إحياء الذكرى هذا العام.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "تلميح الرئيس عون لم يهدف لتحريك الشارع بل لتوجيه رسائل سياسية واضحة، مفادها أن العهد الحالي ليس متروكا ولا وحيدا ولا يمكن محاصرته واستهدافه بهذه الطريقة وتحميله مسؤولية التركة السيّئة التي ورثها"، مشيرة الى انه لم يسمّ بالعهد القوي من فراغ بل جرّاء معطيات وأرقام افرزتها ​الانتخابات​ النيابيّة في مراحلها السابقة، وبالتالي فهو عند الحاجة يملك القدرة على الدفاع عن نفسه بظلّ الضغوطات المستمرّة التي تُمارس عليه، من الداخل والخارج.

وترى المصادر أن الرئيس عون لم يكن يوما ضدّ التظاهر بشكل عام، إنما لكل ظرف "ملائكته" وبظل الظروف الحالية فلا يمكن للشارع تحقيق نتيجة إيجابيّة بل المزيد من التدهور والانقسام، خصوصا عندما يصبح التظاهر منبرا لفوضى وشغب وقطع طرقات على الناس.

وتكشف المصادر أن الدعوات لتحرّك شعبي الأحد المقبل في ساحة الشهداء تثير القلق لأن من يقف خلفها مجهول الهويّة، وبالتالي فليكن معلومًا من الآن أن التيّار لا علاقة له بها وليس مشاركا فيها ولا تمثّله لا من قريب ولا من بعيد.

اذا، لا يبدو أن أحدا في لبنان يرغب بلعب لعبة الشارع، خصوصا انها أثبتت فشلها في السنوات الماضية، ولانها تشكّل مساحة سهلة لمن يرغب بتهديد الاستقرار. وفي هذا السياق تؤكّد مصادر قيادية في حركة "أمل" رفضها أي اتّهام لها يتعلق بتحريك الشارع، مشيرة الى أن المضحك المبكي هو اتهامها بتحريك الشارع الأسبوع الماضي، وبنفس الوقت اتهامها بإفشال التحرك، الأمر الذي يُظهر سخافة مطلقي الاتهامات.

وتضيف مصادر "أمل" عبر "النشرة": "ليس لدينا حسابات سياسيّة مع احد لتصفيتها، فنحن نعتبر انفسنا أمّ الصبي وبمركب واحد مع الجميع، وعندما يتعرّض المركب لخطر الغرق نتعاون مع الكل لانقاذه، وبالتالي كفى اتهامات فارغة ولنركّز بالعمل الضروري لإنهاء هذه المرحلة الصعبة"، مشيرة الى أن الحركة عندما تريد الدعوة للتظاهر فهي لا تخجل ولا تخشى من إعلان نيتها.

وفي سياق متصل علمت "النشرة" من مصادر أن "​حزب الله​" المتمسك بالحكومة الحاليّة لا يحبّذ تحريك الشارع، لأنّه لا يرى ضرورة لذلك، مشيرة الى أن الحزب الذي ينظر بقلق لما يحصل بالعراق يخشى من استثمار أيّ تحرك شعبي في لبنان لخلق الفوضى.

ليس الزمن الحالي لتسجيل نقاط سياسيّة، فإن كان الهدف استمرار التنافس السياسي في لبنان فالأولى بقاء لبنان، لكي يبقى هناك ما يتنافسون عليه، ولعبة الشارع تؤدّي الى ما لا يُحمد عُقباه.