يُخشى ان يكون ​لبنان​ قد أضاع فرصةً ذهبية في ​مؤتمر​ الاستثمار ​الإمارات​ي - اللبناني، بحيث ذهب الى ​أبوظبي​ من دون مشاريع وأوراق عمل وحوافز، ومن الطبيعي ان يعود كما ذهب، لولا تجاوب الإمارات والسماح لمواطني ​الدولة​ بالسفر الى لبنان.

ما هكذا يكون التحضير للإستثمار، ليس بهذه العراضة الفلكلورية من وفدٍ من أكثر من خمسين عضوًا كانوا جميعهم في ضيافة دولة ​الإمارات العربية المتحدة​.

المؤتمرات الناجحة والمنتجة تعرفها الإمارات جيدًا، وليس من المبالغة القول أنه لا يكاد يمر يوم إلا وتشهد الإمارات عشرات المؤتمرات، وليس مؤتمر الاستثمار الأماراتي - اللبناني سوى واحد من هذه المؤتمرات.

***

كيف تنعقد المؤتمرات المنتجة في الإمارات؟ وكيف يمكن تحفيز الإمارات على الإقتناع بالإستثمار في دولةٍ خارج الإمارات؟

الإمارات رائدة في أكثر من قطاع: من ​قطاع الكهرباء​ إلى قطاع تحلية مياه البحر إلى ​قطاع الإتصالات​ إلى قطاع جمع ومعالجة ​النفايات​ إلى قطاع التكنولوجيا إلى قطاع الطرقات والجسور و​البنى التحتية​ إلى قطاع المرافئ والمطارات.

لماذا لم يحمل معه إلى مؤتمر الإستثمار الإماراتي - اللبناني مشروعًا واحدًا أو أكثر من المشاريع الآنفة الذِكر ليعرضها على الوزراء المعنيين في الإمارات وحتى على الشركات الخاصة؟ والطلب من دولة الإمارات وولي عهد أبوظبي القائد تاج رأس كل مواطنيه الشيخ محمد بن زايد باسم لبنان ان يتم تمويلها والتنفيذ من الجهات المختصة في دولة الإمارات.

لماذا لم يحمل ​الوفد اللبناني​ معه إلى الإمارات الملف المتكامل للنفايات. كيف تعالج الإمارات نفاياتها؟ لماذا لا تُنقَل هذه التجربة إلى لبنان؟

منذ خمسة أعوام ولبنان يتخبّط ويختنق بملف النفايات:

حينًا محارق. حينًا آخر طمر، أحيانًا تسفير، وأحيانًا أيضًا طمرٌ مؤقت بانتظار المعالجة الدائمة.

خمسة أعوام وما زال التخبّط قائمًا، وإلى اليوم ما زال ​اللبنانيون​ يختنقون بروائح ​مطمر الكوستابرافا​ و​مطمر برج حمود​، هذا بالإضافة إلى ​المطامر​ العشوائية.

لو ناقشوا مع الإماراتيين التجربة الإماراتية لكان لبنان على طريق الانتهاء من ​مشكلة النفايات​.

***

وما يُقال عن النفايات يمكن قوله عن قطاع الكهرباء.

المعضلة في لبنان متعددة الأَضلاع:

إنتاج طاقة وبيعها بأقل من كلفتها.

عجز دائم في فاتورة استيراد الفيول

سرقة التيار بنسب مرتفعة

غياب العدادات الذكية

الاستعانة بالبواخر

استمرار الاستعانة بالمولِّدات

عدم القدرة على الجباية الكاملة

عدم الجباية من ​النازحين السوريين​ ومن ​اللاجئين الفلسطينيين

امتناع إدارات رسمية كثيرة عن تسديد الفواتير

عدم وجود مجلس إدارة جديد ل​مؤسسة كهرباء لبنان

عدم تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء.

تريدون أكثر؟

هذا تحفيز هائل واستثمار منتج ومُربِح، وسحبٌ للملف لأنقاذه من المافيات، ولا نعود نسمع بمشكلة استيراد الفيول وبمشكلة معامل التوليد على ​الغاز​ التي تبقى تعمل على الفيول لتنفيع الشركات المستوردة، كما لا نعود نسمع بصفقات البواخر وبصفقات ​المازوت​.

***

لو قاربتم مؤتمرَ الاستثمارِ الإماراتي اللبناني وفقَ هذا المفهوم الراقي وهذه المعاييرِ التي يتفهمها أهلُ الخير لكانت دولةُ الإمارات أبدت الإهتمامَ الكبيرَ في نقل خبرتِها إلى لبنان، لكنكم تريدون مالًا ولا تريدون إصلاحًا، ولم تعتادوا بعد ان الدولَ لم تعد "جمعيات خيرية" بل لديها استراتيجياتٌ ومصالح.

عسى ان يكون لديكم المتسعُ من الوقتِ لتصويبِ البوصلة قبل مؤتمرِ ​السعودية​ فلا تقعون في الخطأ الذي وقعتم فيه في الإمارات.