لفت ​السيد علي فضل الله​ خلال خطبة صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في ​حارة حريك​ إلى انه "لا يزال المواطنون في ​لبنان​ يشعرون بالقلق من ​الوضع الاقتصادي​، هذا القلق الذي لا تبدده التطمينات التي تصدر عن أركان الدولة بسلامة ​الوضع المالي​، وهم يرون بأم أعينهم عدم ثبات سعر صرف ​الليرة اللبنانية​ أمام ​الدولار​ الأميركي، والذي يترك تأثيرا في حياتهم، لكون أغلب المبالغ التي يدفعونها بالدولار الأميركي، وما لم تكن كذلك، فإنها تتأثر به"، داعياً الدولة إلى "أن تكون واضحة مع مواطنيها، فمن حق المواطنين على دولتهم أن يعرفوا حقيقة الأزمة التي يعانونها، وسبب عدم اتخاذ الإجراءات التي تلجم التراجع في صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، كما كان يحصل في السابق، وأن يعرفوا إذا ما أصبحت الأزمة في الواقع الاقتصادي تفوق قدرة ​الدولة اللبنانية​ على حلها".

وأشار إلى انه "في هذا الوقت، تسعى ​الحكومة اللبنانية​، من خلال زيارات مسؤوليها إلى الخارج أو المؤتمرات التي تجري لمساعدة لبنان، إلى معالجة هذا الوضع الاقتصادي، بالسعي للحصول على ​مساعدات​ أو الاستثمار فيه لإخراجه من هذا الواقع الصعب"، لافتاً إلى أن "هذه الزيارات والمؤتمرات قد ساهمت في خلق أجواء ارتياح بفعل الوعود التي قدمت، والتي نأمل أن تتحقق، ولكنها لن تستطيع أن تحقق ما يصبو إليه ​اللبنانيون​ من تحسين واقعهم، بعدما أصبح واضحا أن المساعدات هي بمثابة قروض، إن هي أتت، وقد لا تأتي سريعا، وستكون مشروطة بإصلاحات لا بد للدولة اللبنانية من الإسراع في القيام بها، فلا يمكن لأية دولة أن تقوم باستثمارات في ظل استمرار ​الفساد​ والهدر والصفقات والمحسوبيات وعدم الشفافية التي تطفو على السطح وهي تحصل تحت مرأى ​العالم​ وسمعه".

وأضاف "من هنا، ورأفة بهذا البلد، ندعو الحكومة اللبنانية التي تسرع في إنجاز موازنة العام 2020، إلى أن تقدم إلى اللبنانيين والعالم ​الموازنة​ التي وعدت بها، الموازنة التي تحمل في طياتها بذور الإصلاح، بحيث تعيد ثقة اللبنانيين بدولتهم وثقة العالم بها"، مشيراً إلى "إننا نخشى، وتحت وطأة الاستعجال في إخراج الموازنة في المهلة الدستورية، تأخير الإصلاحات، وإعاقة استعادة الدولة لحقوقها المالية وبناء دولة خالية من الفساد، لتكون دولة يطمئن فيها اللبنانيون إلى مستقبلهم، لأن ذلك سيضطرهم إلى الخروج إلى الشارع، كما خرجوا سابقا، وستطفو الأزمات على السطح، وليس آخرها أزمة الخبز المرتقبة أو ​المحروقات​ أو الدواء أو أزمة التجار والمستوردين".

وتابع: "إلى ​سوريا​، التي شهدت في الأيام الأخيرة واقعا جديدا، تمثل بالدخول التركي إلى ​الأراضي السورية​، بداعي تأمين حدود هذا البلد. لقد جاء هذا التصعيد في الوقت الذي بدأت سوريا تخطو خطوات جدية نحو الاستقرار الأمني والسياسي، ولا سيما بعد تأليف اللجنة الدستورية. إننا أمام ما جرى، نرى أن من حق أي دولة أن تحفظ حدودها، وأن تقي نفسها مما قد يتهددها من الخارج، ولكن هذا لا ينبغي أن يتم على حساب سيادة دولة أخرى أو بتأجيج الصراع فيها"، مشيراً إلى أن "تأمين الحدود لن يكون بإضعاف سوريا، بل بالعمل على دعم هذا البلد وتعزيزه وتأمين سبل الاستقرار ومعالجة المشكلات التي تشكو منها ​تركيا​ وتهدد حدودها ويبقى أن نقول، وبعد القرار الأميركي بالانسحاب من سوريا، لكل الذين كانوا يراهنون على ​أميركا​ لتحقيق استقرارهم: إن من الخطأ الرهان على الخارج الذي لا يعمل إلا لحسابه ومصالحه، إن رهانكم ينبغي أن يكون على الحوار بين كل مكونات سوريا، من عرب وكرد ومسلمين ومسيحيين وشيعة وسنة وعلويين، للوصول إلى صيغة تضمن للجميع حقوقهم في ظل وحدة داخلية تشكل ضمانة للجميع".