المشهد ليل الإثنين - الثلاثاء مرعِب، وكأن لبنان كانت تنقصه الحرائق في مختلف المناطق اللبنانية "لتكمَل معه":

من عكار في الشمال إلى المشرف في الشوف إلى القرنة الحمرا في المتن الشمالي، الحرائق أكلت الأخضر واليابس ولم توفِّر المنازل، وكانت الصعوبة كبيرة في إطفائها لأن سرعة الرياح كانت شديدة جداً وهذه الرياح السريعة كانت تعيد إشعال النيران.

***

وزيرة الداخلية ريا الحسن، وفي خطوة غير مفاجئة منها لم تغادر السرايا بعد جلسة مجلس الوزراء، إلى مكتبها في الداخلية، أو إلى منزلها، بل نزلت على الارض، توجهت إلى منطقة المشرف لمتابعة عملية إخماد الحرائق، وواكبت من داخل غرفة عمليات متنقلة، مع مدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار، الذي أعلن عن أكثر من 104 حرائق على الأراضي اللبنانية، كيفية معالجة الموقف.

لكن "هِمَّة" وزيرة الداخلية وحدها لا تكفي، فمع كل اندلاع حريق تظهر الفضيحة: هل يُعقَل في كل مرة يندلع فيها حريق، ان يستفيق المعنيون على الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل تفادي الكوارث.

طلب لبنان طوافات كمساعدة من قبرص، ولكن "هل قبرص أهم منَّا"؟ ولماذا تكون قبرص مجهَّزة ومحتاطة ونحن لا نكون؟

هل يتذكَّر أحدٌ أنه لدينا طائرات لأطفاء الحرائق موجودة في المطار؟ هل صحيح أنها لا تعمل لأن لا صيانة لها؟

إن الوزيرة ريا الحسن لا تقبل بهذا التقصير على الإطلاق، وليست هناك من اسباب تخفيفية أو تبريرية أو ذرائع واهية لتبرير عدم صيانة طائرات الإطفاء.

هل تعرفون يا سادة أن كلفة صيانة طائرات الإطفاء الثلاث لا توازي عمولة مناقصة واحدة أو التزام واحد يأخذه متعهِّد أو "المتعهد" من مجلس الإنماء والإعمار؟

أين طوافة "السيكورسكي" Sikorsky لأطفاء الحرائق التي تمَّ شراؤها من مساعدات قدمتها جمعية المصارف منذ عشر سنوات؟

نشتري التجهيزات ونتركها من دون صيانة فتتحوَّل إلى "خردة".

عيب والله عيب.

هل سيُفتَح تحقيق في ما جرى؟

هل سيدفع أحدٌ ثمن التقصير؟

إن ما جرى على مستوى كارثة الحرائق هو عينة من اداء السلطة التنفيذية بالنسبة إلى الملفات "الملتهبة".

إن صيانة طائرة إطفاء سنويًا، لا تكلِّف كلفة سفر وفدٍ إلى الخارج.

إن الأضرار التي تسببت بها الحرائق هي بمليارات كانت تكفي ليس فقط لصيانة طوافات بل لشرائها.

***

على سبيل المثال لا الحصر، ألا تستحق كارثة الحرائق اجتماعًا للمجلس الأعلى للدفاع؟

يا سادة، لبنان يحترق، فماذا تقترحون من معالجة؟

ألا يستحق المواطن ان يُقال، بعد إطفاء الحرائق، أن هناك لجنة تحقيق قد تم تشكيلها لمعرفة اسباب التقصير في إطفاء الحرائق؟

***

قبرص ليست أفضل منَّا، لكن في قبرص دولة.