في اليوم العشرين من الحراك المُتواصل على خلفيَّة المطالب المعيشيَّة–الاقتصاديَّة–السِّياسيَّة البالغة الإِعجاز، انتصر ​الجيش​ اللُّبنانيُّ للحراك الشَّعبيِّ مع كلِّ امتدادات هذا الحراك الجغرافيَّة، وأَنشطته في قطع أَوصال الطُّرق وإِقامة المستنقعات الطَّائفيَّة البغيضة...

انتصر الجيش للحراك حين أَعاد وصل شرايين ​الحياة​ في ​لبنان​، كي لا يفقد الحراك النَّاس الَّذين من أَجلهم رفَع مطالبه المحقَّة... ف​الجزائر​ الَّتي انتفض شعبها ضدَّ ​الفساد​، لم تُقفل الطُّرق في وجه النَّاس، ولا الدَّوائر الرَّسميَّة في وجه المُوظَّفين، ولا ​المدارس​ في وجه المُتعلِّمين... وإِنَّما وضع "الثُّوَّار" هناك 40 مسؤولاً كبيرًا في السِّجن، ممَّن ثبتت إِدانتهم... وقد استُعيد بذلك ​المال​ المنهوب!.

وانتصر الجيش للحراك حين منعه في اليوم العشرين، من أَن يأْكل ناسه وشعبه، ويحبس ناسه، ويحارب ناسه، وفي هذه الحال فإِنَّ الحراك سيكتفي بإنجازٍ يتيمٍ، وهو إِسقاط ​الحكومة​، ومن ثمَّ يسقط معها... فلا يحقِّق شيئًا آخر، ويكون إِذَّاك حراكًا غبيًّا ومؤذيًا للنَّاس لا للفاسدين!.

انتصر له في الحدِّ من الصُّورة البالغة القبح الَّتي كان بعض المندسيِّن الميليشياويِّين يُلصقونها بأَصحاب الحراك الشُّرفاء، المُحقِّين والمُحترِمين نفسَهم أَوَّلاً ومن ثمَّ فهُم يحترمون الغير أَيضًا!.

انتصر له في الحدِّ من وقوع الحراك في فخِّ إِعلان الحرب على الإِعلام، و"رجم" المُراسلات الصِّحافيَّات بالماء تارةً، وبالاعتداء اللَّفظيِّ والجسديِّ طورًا... وهنا أَيضًا قد حرَّر الجيش الحراك من وضع الأَحزاب اليد عليه، وممارسة طقوسهم الميليشياويَّة على أَبناء الوطن الواحد، في إِذلال النَّاس على المعابر والحواجز، وطلب الهويَّات والاستفادة من الوضع عن طريق الحصول على "الغنائم"، وفرض الخُوَّات من الإِخوة المواطنين والأَخوات، وصولاً إِلى الاعتداء الجسديِّ عليهم والتَّعرُّض لمُقدَّساتهم، كما ولمُمتلكاتهم...

وأَمَّا لماذا اختار الجيش هذا التَّوقيت للتَّحرُّك وإعادة الأُمور في الشَّارع إلى ما كانت عليه قبل 17 تشرين الأَوَّل الماضي؟، فإِنَّ الإِجابة عن السُّؤَال لدى المؤسَّسة العسكريَّة، الَّتي تعلم جيِّدًا متى ينبغي لها أَن تُصدر بيانًا في هذا الشَّأن، ولقد فعلت!.

فعلها الجيش وفتح الطُّرق، بعدما أَمَّن الحماية للمتظاهرين في ساحتي رياض الصُّلح والشُّهداء، طوال 20 يومًا بلياليها، فلم تقوَ عليهم درَّاجات الأَحزاب ولا قال لهم أَحدٌ: "يا محلا الكحل في عيونكم"... كما وحماهم الجيش حتَّى مِن ضلالهم، ومِن خطيئة إِعلان الحصار على الشَّعب، وترك السِّياسيِّين ​الفاسد​ بعضهم، يجولون في حريَّةٍ كاملةٍ...

وأَمَّا السِّياسيُّون "الرَّاكبون موجة الحراك" فلم تقف مصالحهم يومًا، وهي لن تقف البتَّة، ما دام في ميدان إِقفال الطُّرق، ميليشيات في ثيابٍ مدنيَّةٍ، يُؤَمِّنون مصالح الفاسدين وأَجنداتهم داخليًّا وخارجيًّا... وشغل هَؤُلاء الشَّاغل، تقويض الحراك وتفخيخه من الدَّاخل، واستفزاز المارَّة وإِهانة كراماتهم، وصولاً إِلى بلوغ الاستفزاز حدَّ الاشتباك بين الحراك وناسه، وبينه وبين نفسه، ما سيودي حتمًا بصدقيَّة المطالب المرفوعة وبقدسيَّتها وأَحقيَّتها... وعندها على الدُّنيا السَّلام!.

لقد نجح الجيش في تحرير الحراك مِن المُندسِّين فيه، عبر أَحزابهم الَّتي تفوح من بعضها روائح فضيحَة طوَّافات "البوما" في ثمانينيَّات القرن الماضي، كما وتفوح من بعضهم الآخر فضيحة براميل النِّفايات السّامَّة، المُرسَلة من ​إيطاليا​ في تلك الفترة أَيضًا، والمطمورة في ​كسروان​... ولا ننسى أَيضًا عائدات العمالة الممنوحة إِلى الأَحزاب عبر السَّفارات... وفصول المؤامرات الحزبيَّة على الوطن وشعبه... وصولاً إِلى تهجير النَّاس من قراهم وبلداتهم لأَسبابٍ طائفيَّةٍ، والتَّسويق لـ"حلم إِنشاء الـ"كانتونات" و"أَحلام التَّقوقع الطَّائفيِّ"...

لقد فكَّك الجيش كلَّ الأَلغام المزروعة حزبيًّا على درب الحراك، فيما أَوردت إحدى محطّات التلفزة العربيّة، أَنَّ "الخلايا النَّائمة لـ"داعش" و"النّصرة"، أَصبحت بين الحراك، وهي منتشرة في شكلٍ كثيفٍ، وتنتظر ساعة الصِّفر"...

إِنَّ كلّ ما ورد آنفًا، يُؤكِّد لنا أَنَّ "الجيش اللُّبنانيّ يبقى هو الحلّ"!... ومن دونه "عبثًا يسعى البنَّاؤون".