يا شعب الإنتفاضة الذكي...

يبدو أن طريقنا لا تقاس بأيام أو بأسابيع...

كُتب على انتفاضتنا ان تبقى....

ان تستمر، ان تتواصل، ان تتوسع، ان لا تعود إلى الوراء.

والأذكى ان تسهلوا الطرقات لأعمالكم.

***

لأن التراكم الذي تحملناه منذ ثلاث سنوات، والبعض يقول منذ ثلاثين سنة وحتى أكثر، لا يمكن إزالته بأيام وحتى بأسابيع... فالواضح من موازين القوى ومن نيات ​السلطة​ غير المريحة، أننا سنمر بمرحلة "كرٍّ وفرٍّ" وكذلك "بطلعاتٍ ونزلاتٍ" لأن لا يمكن لهذه السلطة ان تستوعب ما جرى... لا يمكن لهذه السلطة أن تكون الشيء وعكسه في آن واحد...

أعترف أهل السلطة بأنفسهم أنهم أهدروا وأفسدوا، وهذا مثبتٌ في مواقفهم وتصريحاتهم وبياناتهم ومؤتمراتهم.

مَن سيحاسب مَن؟ وهل هذه السلطة تحاسب نفسها؟ ظننا جميعنا أن يوم الحساب سيأتي، لكن ثبُت بالملموس أنهم يُغدقون الوعود علينا لتمرير الوقت دون حسيب أو رقيب ومن دون ان يصل سيف المحاسبة إليهم.

***

يبدو ان الطريق طويلة، الإنتفاضة من أبرز نتائجها حتى الآن ان ​الحكومة​ استقالت، وهذا ما لم يكن في حساب أحد، فالجميع كانوا يعتقدون أن هذه الحكومة ستستمر حتى نهاية العهد لأنها الحكومة التي ستُشرف على تطبيق ​التسوية الرئاسية​ التي جرت في ​باريس​ في تشرين الاول من العام 2016 وافضت الى ​انتخابات​ الرئاسة.

***

ومن ألمع النتائج الباهرة للإنتفاضة، حتى من دون أتخاذ أي إجراء، وبسحر ساحر، توقف الهدر و​الفساد​، كيف ذلك؟ قد يُقال إن البلد كان مقفلًا ولا إمكانية لهدرٍ أو فساد. ربما، لكن مَن يجرؤ بعد اليوم على تركيب مناقصة أو مزايدة فيها هذه الموبقات من الهدر والفساد؟

وفي هذا المجال لا بد من تسجيل ان تاريخ 17 تشرين الاول هو "تاريخ مجيد" إذا صحَّ التعبير، لأنه في هذا التاريخ يمكن "تأريخ" ان البلد وَضِع على السكة الصحيحة لمكافحة الهدر والفساد. حيث ان هذا الأمر كان قبل هذا التاريخ حلمًا بعيد المنال.

في موضوع استعادة الاموال المنهوبة، لا بد للإنتفاضة أن تصوِّب جيدًا على هذا الملف الضخم لأنه الملف الأبرز، يجب ان يقال:

"إستعادة الأموال المنهوبة الموضوعة في ​لبنان​ وخارج لبنان... ما من مال منهوب موجود فقط في الحسابات الداخلية في ​المصارف اللبنانية​، بل هو موجود في مصارف ​سويسرا​ واللوكسمبورغ ومونت كارلو وغيرها".

ولأنعاش الذاكرة، لا بد من تذكير المعنيين بملف "​وثائق بنما​" التي تم نشرها في العام 2016، وكذلك "وثائق ​ويكيليكس​"، والتي كشفت حسابات مسؤولين لبنانيين لدى مصارف دول أجنبيّة يضاف إليهم رجال أعمال ومصرفيون شركاء في مشاريع الحكومات المتعاقبة، لم تجرؤ أيّة حكومة أن تحاول مساءلة هؤلاء أو إجراء تعقّب أو تحقيق ليبنى على الشيء مقتضاه.

السؤال هنا: بعد انطلاق الإنتفاضة، لماذا لا تتم العودة إلى هذه الوثائق لتسهيل عمل القضاء؟

في هذا الوضع القائم على الأرض، مَن لديه النَفَس الأطول؟ وفي لعبة عض الأصابع، مَن سيقول آخ أولًا؟ هل هي السلطة أم الإنتفاضة؟