لفت نائب الأمين العام لـ"​حزب الله​" ​الشيخ نعيم قاسم​ خلال لقاءٍ سياسي في الحدث إلى أن "أحداثا كثيرة حصلت في بلدنا خلال العقود الأخيرة، والآن نحن نعيش حدثاً اجتماعياً اقتصادياً معقداً نتج عن تراكم عشرات السنوات، حيثُ لم تكن الإدارة للبلاد إدارةً صحيحة، ولم تكن المتابعة للمشاكل والقضايا بمستوى الأحداث، وأصبحنا في وضعٍ كيفما ملنا وكيفما نظرنا وجدنا الهاوية الاقتصادية والاجتماعية ونقص فرص العمل الفادح، ووضع النقد المتدهور، وأداء ​السلطة​ الذي أُغرق في جوانبه الكثيرة ب​الفساد​ والهدر وعدم الدقة وعدم توفير المخططات اللازمة للنهوض الاجتماعي والاقتصادي، فكانت النتيجة أن بلغ السيل الزبى وأصبح الناس في حالةٍ لا تُطاق، فانفجر الشارع بتعبيرات صادقة لها علاقة بمستوى الألم والوجع الذي أصاب كل الناس من كل ​الطوائف​ ومن كل المناطق، فحصل ​الحراك الشعبي​ الذي عبَّر بكل صدق عن حالة الوجع والألم والتعب والمعاناة، وهو موجّه بشكلٍ أساس في وجه السلطة التي عليها أن تسمع وعليها أن تعيد إنتاج ​الحكومة​ المناسبة والملائمة بما يحقق بداية المعالجة للأزمات الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة".

وأشار إلى "إننا جزءٌ من هذا الشعب الذي يعاني، ومن الطبيعي أن نؤمن بالحراك الشعبي وأن نشجِّع عليه وأن ندفعه إلى الأمام وأن نطالب بأن يبقى في الميدان من أجل أن تبقى السلطات مستنفرة ومنتبهة إلى أنه يوجد رقابة ويوجد حساب، ولا بد أن نغيِّر الواقع الذي نحن عليه. ولكن خرجنا بأجسادنا وبعض مناصرينا من الساحة المباشرة من أجل أن لا تختلط الأمور ومن أجل أن لا تحصل المشاكل والتَّعقيدات ولكننا نعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزأ من هذا الشعب ومن مطالب هذا الشعب ومن الحراك الشعبي، والتظاهر حقٌ مشروع وهو وسيلةٌ من وسائل الضغط التي لا بدَّ من استخدامها من أجل أن يسمع المسؤولون، ونحن هددنا مرَّات ومرَّات عند دراسة موازنة 2019 بأننا سننزل إلى الشارع إذا أُقرَّت ضريبة الـ 3 % على جميع المستوردات، فكان أن تراجعت السلطة وأقرَّ ​مجلس النواب​ وقتها ضريبة 3 في المئة على المستوردات من غير المواد الغذائية والضرورية والأساسية و​البنزين​ فأقلعنا عن فكرة النزول إلى الشارع، اليوم مع موازنة 2020 كانت ​الضرائب​ كثيرة وصرخنا بأنَّ الناس لا تتحمل، وكنا نعمل على أن مواجهة هذه الضرائب في ​المجلس النيابي​ علَّنا نستطيع أن نمنعها إلى أن كان الإنفجار بسبب ضريبة ​الواتساب​".

واكد "إننا مع المطالب الشعبية، نحن جزءٌ من هذا الحراك الشعبي بأهدافه الاجتماعية والاقتصادية، لكن لا بد من الانتباه أنه يوجد سُرَّاق للحراك الشعبي وهم جماعة ​السفارة الأميركية​ وبعض جماعة الأحزاب الطائفية الذين يريدون أخذ الحراك إلى مكانٍ آخر، هم ليسوا مهتمين بالوضع الاجتماعي والاقتصادي، هم مهتمون بقراراتٍ سياسية تأخذ البلد إلى مكانٍ آخر حتى ولو أدى ذلك إلى الفتنة والفوضى والمشاكل، ورأينا هذا النموذج في ​قطع الطرقات​، حيث صرخ الناس لأن قطع الطرقات هو عقوبة للناس وللشعب وليس عقوبة للحكومة والسلطة. نعم التواجد في الساحات ومطالبة السلطة أمرٌ جيّد، ولكن نحن لا نوافق ولا نؤيد قطع الطرقات لأنه اعتداءٌ على الناس، وعندما قام ​الجيش اللبناني​ بإجراء فتح الطرقات رأينا أنَّ ​وزارة الخارجية​ الأمريكية تصدر بياناً تطالب الجيش اللبناني بأن يحمي المتظاهرين، ما هو مقصوده من حماية المتظاهرين؟ يعني الذين يقطعون الطرقات، لأن المتظاهرين في الأماكن الأخرى يعبِّرون عن قناعاتهم في كل يوم وفي كل ليلة دون أن يمسهم أحد. ماذا يفعل رئيس الجامعة الأمريكية في إدارة بعض التحركات والتوجيهات؟ وقد أصدر بياناً مع رئيس ​الجامعة اليسوعية​ ليس من أجل المطالب الشعبية بل من أجل أخذ الحراك إلى محلٍّ آخر، من هنا علينا أن ننتبه إلى سُرَّاق الحراك".

وأضاف قاسم "أقول لكم أكثر من هذا، لماذا لا يوجد حتى اليوم لجنة مركزية تتحدث باسم الحراك؟ لأنه إذا تحددت اللجنة المركزية سيُعرف من هم الأفراد ومن الصعب أن يتمكن المتسلّقون من الوصول اليها، عندها لا يتمكنون من الاستثمار في الخفاء، بينما إذا بقي الحراك بدون قيادة معلنة واضحة تضع برنامج عملٍ وتطرح الحلول والمواقف السياسية التي تؤثر على الواقع الاجتماعي والاقتصادي، هنا يبقى المحرك مختفياً ويأخذ راحته في أن يوجِّه كما يريد وأن يستثمر كما يريد وأن يُحدِث الفتن المتنقلة من دون أن يُعرَف بصورته وبإدارته وبحضوره"، داعياً الحراك الشعبي "أن يحدد قيادة واضحة تخاطب الناس وتطرح المطالب بحقوقها وحدودها وواقعها وتراقب وتحاسب وتسائل الحكومة وترى الإنجازات وتلاحق كل التطورات وتواكب الناس في توقيت التحرك المناسب وكيفيته من أجل تحقيق المطالب الاجتماعية الاقتصادية".

وتابع "نحن كحزب الله عندما وافقنا على الورقة الإصلاحية اعتبرنا أنها خطوة وليست نهاية المطاف وأنها إذا أخذت فرصتها يمكن أن نتقدم إلى الأمام وبعدها نُطوِّر الخطوات الأخرى خشية الفراغ وخشية الوقت الضائع، لكن طالما أنَّ رئيس الحكومة قدَّم استقالة حكومته فلا مشكلة في ذلك، ننتقل إلى المرحلة الثانية، يعني أن نعمل على الإسراع في ​تشكيل الحكومة​ ومحاولة الاستفادة من المشاكل السابقة والتقصير السابق لنعطي دفعاً إلى الأمام، نحن نأمل أن لا تتأخر كثيراً خطوات التكليف والتأليف لأن كل الوقت الذي سيمر هو وقتٌ ضائع، وكلما طال كلما كانت عقباته وآثاره السلبيّة كثيرة على الناس، حذار من سُرَّاق الحراك، ونعم للحراك الشعبي الأصيل بمطالبه الاجتماعية الاقتصادية التي هي حقٌ مشروع، وحذار من أولئك الذين يقطعون الطريق على الناس ويمنعونهم من حقهم في المرور و​الحياة​ والتعبير والموقف".