تواصلت الإدانات الشاجبة لإعلان وزير الخارجية الأميركي ​مايك بومبيو​ الاعتراف رسميّاً بـ"شرعية" المُستوطنات الإسرائيلية المُقامة على الأراضي الفلسطينية المُحتلّة عام 1967، والتي تُعتبر بموجب القانون الدولي مُستوطنات "غير شرعية".

وكان هذا الموضوع محور البحث في جلسة ​مجلس الأمن الدولي​ الشهرية، بشأن ​الشرق الأوسط​، أمس (الأربعاء)، بتصويت 14 دولة على رفض الخطوة الأميركية "شرعنة" مُستوطنات الاحتلال الإسرائيلي، ومُعارضة الولايات المُتحدة الأميركية فقط.

هذا في وقت، تقاذف المسؤولون الإسرائيليون التُهم بالفشل في تشكيل ​الحكومة​، بعد انتهاء المُهلة الممنوحة للرئيس المُكلّف وحزب "أزرق أبيض" ​بيني غانتس​، منتصف أمس (الأربعاء)، بعدما كان قد سبقه بالفشل أيضاً رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ و"الليكود" بنيامين ​نتنياهو​.

وقضى رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ​أفيغدور ليبرمان​ على آمال غانتس بتشكيل حكومته الأولى، مدعومة من "القائمة العربية المُشتركة".

وأعلن ليبرمان رفض الانضمام "إلى حكومة أقليّة يُشكّلها غانتس أو نتنياهو"، مُتّهماً كلاهما بـ"إفشال إمكانية تشكيل حكومة وحدة"، وواصفاً "القائمة العربية المُشتركة، بأنّها طابور خامس".

واستدعى كلام ليبرمان ردود فعل شاجبة، باستثناء نتنياهو، الذي اعتبر أنّه بموقفه هذا "أزال الفكرة الوهمية لحكومة الأقليّة، حكومة قائمة على ​الإرهاب​، وتتلقّى الأوامر من أعدائنا".

وأعاد غانتس قٌبيل انتهاء المهلة الممنوحة له بساعات قليلة، التفويض بمُهمّة ​تشكيل الحكومة​ إلى رئيس الكيان الإسرائيلي ​رؤوفين ريفلين​، حيث يتم اعتباراً من اليوم (الخميس) إطلاق المرحلة الثالثة من

مُحاولات تشكيل الحكومة، التي تستغرق 21 يوماً، بتحويل هذه المهمة إلى "​الكنيست​"، حيث يستطيع أي عضو تولّي مُهمّة التشكيل، شرط أنْ يحظى بتأييد 61 نائباً، هم أكثر من نصف عدد الأعضاء الـ120.

وفي حال عدم التمكّن من ذلك، يتم حل "الكنيست"، والتوجّه إلى انتخابات عامّة جديدة، يُتوقّع أنْ تُجرى في شهر آذار المُقبِل، تكون الثالثة خلال عام، بعدما كانت قد جرت مرّتين في 9 نيسان و17 أيلول 2019، ولم تُؤدِّ نتائجهما إلى تشكيل حكومة، لعدم تمكّن أي من المُعسكرين "اليمين - الحريديم" بزعامة نتنياهو و"اليسار - وسط" بزعامة غانتس، تأمين أكثرية 61 صوتاً.

وعلّق نتنياهو على فشل مُنافسه غانتس، بتغريده عبر حسابه على "تويتر: "لقد فشلت في تشكيل حكومة، وأنا مُستعد للتفاوض معك مُباشرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية".

هذا في وقت، يُرجّح أنْ يتّخذ المُستشار القضائي للحكومة أفيحاي ماندلبليت، قراراً بشأن ملفات ​الفساد​ التي تُواجه نتنياهو، خلال الأيام القليلة المُقبلة.

وكان ليبرمان قد أعلن خلال مُؤتمر صحفي عقده بعد ظهر أمس (الأربعاء): "إذا سألتموني مَنْ المذنب في الوضع، فإنّهما كلا الحزبين سويّة، "أزرق أبيض" و"الليكود"، ويبدو الآن على الأقل أنّنا في

الطريق إلى معركة انتخابية أخرى، وجرت لعبة تبادل اتهامات من الجانبين، لكن في نهاية الأمر هذه لعبة اتهامات، من دون استعداد حقيقي لاتخاذ قرارات صعبة ودراماتيكية".

وتابع: "نحن موجودون الآن أمام تحديين، أمني واقتصادي، لذلك لا يُوجد أي خيار غير حكومة وحدة، وعندما أتساءل لماذا لم نُشكّل حكومة وحدة ليبرالية، فإنّ الأمور واضحة هنا أيضاً، لأسفي نتنياهو رهن حركة "الليكود" كلها لصالح الأحزاب الحريدية".

وأضاف: "إنّ نتنياهو أيضاً، الذي يُحاول بأي طريقة المُماطلة، والحفاظ على الكتلة الحريدية، وكذلك غانتس، الذي لم يُوافق أبداً على خطّة الرئيس، وقسم كبير من الوقت لعبت "أزرق أبيض" لعبة مُزدوجة، وحافظت على قنوات مفتوحة مع الأحزاب الحريدية، وقدّموا اقتراحات لها، لذلك كلاهما مُذنبان بالنسبة لي".

وقال ليبرمان: "إنّني أُؤيّد تشكيل حكومة وحدة، تضم "الليكود"، "أزرق أبيض" و"إسرائيل بيتنا"، وبسبب التعاون بين أعضاء "كنيست" عرب وحريديين، وهذا ائتلاف مُعادٍ للصهيونية ويلعب بين

المُعسكرين، و"القائمة المُشتركة" هي طابور خامس، ولأسفي فإنّ الأحزاب الحريدية أيضاً أصبحت مُعادية للصهيونية".

وتابع: "كان واضحاً منذ البداية أنّنا لن ننضم إلى ائتلاف مدعوم بشكل مُباشر أو غير مُباشر من "القائمة المُشتركة"، وحافظنا على ضباب المعركة من أجل إحداث رافعة ضغط على نتنياهو، ولأسفي فإنّ هذا أيضاً لم ينجح، ما العمل؟ في تقديري أنّه يُوجد أمران مصيريان، يجب أنْ تلتزم جميع الأحزاب الصهيونية بميثاق مُشترك في موضوع الدين والدولة، لا يُمكن أنْ يلعب الحريديون بين الحزبين الكبيرين".

وأضاف: "الأمر الثاني بشأن استقرار الحكم: ليس سرّاً أنّني مُؤيّد كبير للانتخابات المُباشرة، وقلت إنّه لأسفي لا يُمكن تغيير مُجمل اللعبة خلال جريان اللعبة، وهذا ليست له علاقة ب​الانتخابات​ القريبة، لكن يجب إجراء نقاش كبير حول ذلك".

وختم ليبرمان: "إذا لم ينجح رئيس الحكومة بتشكيل ائتلاف خلال 30 يوماً، ينبغي الحفاظ على إمكانية لصالحه بتشكيل حكومة خُبراء - أشخاص يأتون من خارج المُؤسّسة السياسية أو يستقيلون من "الكنيست" - لسنتين فقط، ويكون بالإمكان التغلّب عليها بالأغلبية نفسها المُؤلّفة من 81 عضو كنيست".

من جهته، وجه نتنياهو دعو إلى غانتس لـ"تشكيل حكومة وحدة قومية، وفك الارتباط مع الرجل الثاني في القائمة يائير لبيد"، مُتوجِّهاً بـ"الشكر إلى ليبرمان، لإفشال إمكانية إقامة حكومة أقلية تستند على داعمي الإرهاب"، مُشيراً في ذلك إلى نوّاب "القائمة المُشتركة".

وفي افتتاحية جلسته مع "كتلة اليمين - الحريديم"، المُتمثّلة بـ55 نائباً في "الكنيست"، قال نتنياهو: "نحن في لحظة مصيرية، وفي مفترق طُرُق تاريخي، دولة إسرائيل أقوى ممّا كانت عليه من قبل اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، لقد رأيتم ما حدث عندما أعلنت ​وزارة الخارجية الأميركية​ عن وضع المُستوطنات في ​يهودا​ و​السامرة​ (الضفّة المُحتلّة) - هذا شيء كان لا يُمكننا إلا أنْ نحلم به".

وأضاف: "لدنيا فرصة تاريخية، وأؤكد لكم أنّها لن تتكرّر لتحقيق أمور هي في مُتناول اليد، ترسيم حدودنا، تطبيق السيادة على غور ​الأردن​، التوصّل إلى اتفاقية دفاع مُشترك مع ​الولايات المتحدة​ وإجراء تحالفات مع جيراننا".

وتابع: "لسنا بحاجة إلى إجراء انتخابات، وإنّما إلى تشكيل حكومة وحدة، لدحر الأخطار التي تُحيط بنا واستغلال الفرص المُتاحة، هناك أيضاً مخاطر أمامنا، أنظروا إلى ما حدث الأسبوع الماضي في غزة، وما حدث بالأمس في ​سوريا​، لديّ رسالة مُوجّهة إلى جميع أعدائنا في ​طهران​ ودمشق و​بيروت​ وغزة: قد نكون في حكومة انتقالية، لكن عندما يتعلّق الأمر ب​الأمن الإسرائيلي​، فنحن مُتماسكون كرجل واحد، لا تخطئوا ولا تجرّبوننا".

وأضاف: "أود أنْ أشكر ليبرمان، الذي أزال الفكرة الوهمية لحكومة الأقليّة، حكومة قائمة على الإرهاب، وتتلقّى الأوامر من أعدائنا".

واستطرد نتنياهو: "أريد أنْ أسأل غانتس و​غابي أشكنازي​، كيف استطاعا الانجرار خلف فكرة لبيد المجنونة، بالتخلّي عن أمن إسرائيل، وأنا أدعو غانتس إلى التحرّر من ​حق النقض​ الذي يُمارسه عليك لبيد، إفعل الأمر الصواب، وتعالى إلى حكومة وحدة".

بدوره، هاجم رئيس حزب "شاس" أرييه درعي ليبرمان بشدّة، مُعتبراً أنّ الأخير يُهاجم "الحريديم، لأنّه يريد لفت الانتباه، الشخص الذي يتحمّل مسؤولية عدم تشكيل حكومة وحدة قومية هو ليبرمان، وسيتم تشكيل حكومة وحدة قومية، من دون لبيد وليبرمان".

فيما قال عضو "الكنيست" من كتلة "يهوديت هتوراه" يعقوب آشير: "أريد أنْ أحتج على الخطاب القريب من الفاشية ومُعاداة السامية، وربما الأكبر في أروقة "الكنيست" في الفترة الأخيرة، وهو يستبيح دم جماهير كبيرة في دولة إسرائيل".

بينما هاجم عضو "الكنيست" مُوشيه غفني من كتلة "الحريديم" ليبرمان، قائلاً: "عليه الخروج من المُؤسّسة السياسية، ونحن لا نتذكّر عداء للسامية كهذا في "الكنيست"، وفي دولة أخرى كان سيذهب إلى السجن، كيف لا يخجل هذا الرجل ​الفاسد​؟ مَنْ أنت أصلاً؟ صفر".