حتى ​الساعة​ لا جديد على المستوى الحكومي، بدليل تأجيل الموعد المفترض للإستشارات النيابيّة الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف إلى مطلع الاسبوع المقبل، بعد تراجع حظوظ اسم المرشح الأخير رئيس مجلس إدارة شركة "خطيب وعلمي" ​سمير الخطيب​، في ساعات نهار يوم أمس، ثم عودتها إلى الارتفاع ليلا.

هذا التأجيل لا يعني إمكانيّة الإتفاق على حسم المسار الحكومي، قبل نهاية الاسبوع الحالي، خصوصاً أن المشاورات السابقة أظهرت أن المشكلة لا تكمن في اتفاق القوى السياسية على الاسم فقط، نظراً إلى الشروط والشروط المضادة التي توضع على مستوى التركيبة الحكوميّة وبرنامج العمل، بدليل الدعوات إلى تفعيل حكومة ​تصريف الأعمال​.

في هذا السيّاق، تلفت مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ الأجواء التفاؤليّة، التي طغت في بداية الاسبوع الحالي، مصدرها كان بيان رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ الذي أعلن فيه عدم رغبته في ​تشكيل الحكومة​ المقبلة، لكنها تشير إلى أنّ الأخير لم يستكمل مبادرته، التي ظن الكثيرون أنها إيجابيّة، من خلال تسهيل الإتفاق على شخصيّة أخرى تتولى المهمة.

وتوضح هذه المصادر أن بوادر الإتفاق على أيّ اسم تعود إلى الإصطدام بالواقع نفسه، أيّ الشروط التي يضعها الحريري لناحية الإصرار على تشكيل ​حكومة تكنوقراط​، في حين أنّ هذا الطرح مرفوض من قبل القوى السياسية ذات الأكثريّة النيابية، والتي في الأصل لو كانت تريد التسليم بها لكانت أقدمت على ذلك مع "الأصيل" لا مع "الوكيل"، تضاف إليها شروط أخرى تتعلق بالصلاحيات التشريعية و​الانتخابات​ المبكرة.

من وجهة نظر المصادر نفسها، لا تزال الأمور تدور في حلقة مفرغة، لكن مع فارق بسيط هو أن رئيس حكومة تصريف الأعمال يدفع بالقوى الأخرى إلى الذهاب للخطوة الأولى، لقناعته بأنّها غير قادرة على المبادرة بعيداً عنه، لا بل قيامها بمثل هذا الأمر قد يقدم له "فرصة ذهبيّة" للعودة إلى ​السراي الحكومي​ على "حصان أبيض"، على قاعدة أنّه "المنقذ" من ​الأزمة​ التي من المتوقع أن تشتدّ في الفترة المقبلة.

النقطة الأخيرة هي أساس المراوحة القائمة، حيث تؤكد مصادر نيابيّة في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أن المصلحة الوطنية تفرض أن تشارك جميع القوى السياسية، لا سيما تلك التي كانت حاضرة في ​السلطة​ منذ ​إتفاق الطائف​، في تحمل المسؤوليّة، لا الهروب منها اليوم كي تعود لاحقاً على أساس أنها "المخلص".

وتشير هذه المصادر إلى أن هذا الواقع هو أساس الإصرار على عودة الحريري إلى ​رئاسة الحكومة​، بالإضافة إلى أنّ حضوره شخصياً قادر على إرسال أكثر من رسالة إيجابية إلى الداخل والخارج، وتشدّد على وجود مسؤولية كبيرة تقع على عاتق رئيس حكومة تصريف الأعمال اليوم، لكنه على ما يبدو لا يريد أن يتحملها، لا سيما في ظل إصراره على عدم دعوة الحكومة المستقيلة إلى الإجتماع، لأخذ بعض الإجراءات الضروريّة.

على هذا الصعيد، تؤكّد المصادر نفسها أن الواقع الراهن هو ما يُفسر الإصرار السابق على عدم إستقالة الحكومة قبل الإتفاق على ​الجديدة​، الأمر الذي رفضه الحريري رغم الدعم الذي تلقّاه من معظم الأفرقاء المشاركين فيها، وتستغرب عدم مبادرته إلى تلقف الإيجابيّة التي يتم التعامل معه بها، ما تضعه في إطار الضغوط الخارجيّة التي لا يمكن له تجاوزها حتى الآن.

من وجهة نظر المصادر النيابيّة في قوى الثامن من آذار، لدى الحريري قناعة على ما يبدو بأنه يستطيع الإستمرار في المناورة إلى ما لا نهاية، على قاعدة أنّ الفريق الآخر لن يقدم على أيّ مبادرة من دونه، لكنها تلفت إلى أن هذا قد لا يستمر طويلاً، نظراً إلى أنّ الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة باتت أكثر من ضاغطة، وبالتالي من المفترض الذهاب إلى حسم الخيارات سريعاً.

في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها بأنّ مطلع الاسبوع المقبل قد يكون حاسماً على هذا الصعيد، حيث من الممكن أن تكون الخيارات مفتوحة على أكثر من سيناريو. حتى الساعة لا يزال الذهاب إلى الإستشارات من دون التوافق مع الحريري الأقل ترجيحاً ضمنها، لكنّها تذكّر بأنه قبل أيام كان الذهاب إلى تسمية شخصيّة أخرى الأقل ترجيحاً أيضاً.