سمحت عطلة العيد لرئيس ​الحكومة​ المكلف ​حسان دياب​ بأخذ إستراحة من ضغط الشارع، الذي كان يقف خلفه بشكل مباشر تيار "المستقبل"، الأمر الذي دفعه إلى الدخول في مرحلة جوجلة الأفكار والمعطيات التي تكونت لديه، إلا أن هذا لا يلغي العراقيل التي تواجه مهمته، بعد أن كان البعض يرى أن الحكومة من الممكن أن تبصر النور خلال فترة قصيرة.

حتى ​الساعة​، لا شيء يوحي بأن حكومة دياب من الممكن أن تبصر النور خلال وقت قريب، لا بل لدى بعض الأوساط مخاوف من إفشال مساعيه كل ما طالت مدة التأليف، خصوصاً أن تيار "المستقبل" يستعد لموجة تحركات واسعة في الشارع، الهدف منها دفعه إلى الإعتذار وفتح الباب أمام عودة رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​سعد الحريري​.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن رئيس الحكومة المكلف لا يزال يواجه مجموعة من الصعوبات التي تعيق مهمته، يسعى إلى تجاوزها بأقل قدر ممكن من الخسائر، معتمداً على الهدوء الذي يميز طباعه، لكنها تشدد على أن هذه المهمة ليست بالسهولة التي كان يتصورها البعض، نظراً إلى أن بعض القوى التي ساهمت في تكليفه تضع بعض المطبات في طريقه، سواء لناحية شكل الحكومة أو طريقة إختيار أسماء الوزراء، الأمر الذي سيفتح الباب أمام موجة واسعة من الأخذ والرد.

على الرغم من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أن العقدة الأساس التي تواجه دياب تكمن في إختيار الوزراء ​السنة​، لا سيما أن الغطاء الطائفي الذي حصل عليه، عبر تسميته من قبل أعضاء "​اللقاء التشاوري​" فقط، لا يترك له هامشاً واسعاً في التحرك على هذا الصعيد، في مقابل الإعتراضات التي اصطدم بها سواء من قبل رؤساء الحكومة السابقين: ​فؤاد السنيورة​، ​نجيب ميقاتي​، ​تمام سلام​، أو من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال وتيار "المستقبل"، من دون تجاهل موقف ​دار الفتوى​، التي لم تعط أي توجّه واضح، لكن في المقابل من غير المتوقع أن تخرج بموقف مخالف للتوجّه العام القائم داخل الطائفة.

في هذا الإطار، توضح هذه المصادر أن العديد من الشخصيات التي كانت مرشحة لدخول ​مجلس الوزراء​، في حكومة دياب، باتت ترفض ذلك، أو على الأقل مترددة في القبول، في ظل الأوضاع القائمة، نظراً إلى أن أياً منها ليس في وارد المغامرة بدخول حكومة تواجه بمعارضة واسعة داخل الشارع السنّي، من المتوقع أن ترتفع حدّتها في الأيام المقبلة، لا سيما إذا ما قرر تيار "المستقبل" الذهاب بعيداً في المواجهة، التي بات يعتبر أنها معركة حياة أو موت، وترى أن مهمة رئيس الحكومة المكلّف في هذا المجال ستكون هي الأصعب.

من وجهة نظر المصادر السياسية المطلعة، أي تطور جديد من المفترض أنه يتوقف على حجم نجاح تيار "المستقبل" في تجييش الشارع السني بوجه دياب، وبالتالي لا يمكن منذ الآن معرفة ما إذا كان الرجل سيستطيع تجاوز هذه العقدة الأساس أم لا، ثم توقع ما إذا كانت بعض الشخصيات السنّية ستوافق على دخول حكومته، نظراً إلى أن المطلوب أن تكون قادرة على تأمين غطاء شعبي ولو بالحد الأدنى، يسمح له في الحد من موجة الإعتراض التي لا تزال قائمة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا الواقع لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال، بغض النظر عما يقال أن رئيس الحكومة المكلف من الشخصيات الموصوفة بـ"العناد" في مواجهة التحديات، خصوصاً أن معظم القوى السياسية الفاعلة تضع على رأس قائمة أهدافها عدم تفلّت الشارع السني غير المنضبط، لا سيما أن الجهات المحلية والخارجية، القادرة على التأثير فيه متعددة، وبالتالي لا يمكن المغامرة بأي خطوة غير محسوبة النتائج.

في المحصلة، ستكون الأيام القليلة المقبلة حاسمة على مستوى قدرة دياب على تجاوز هذه العقدة الأساس، وبالتالي النجاح في مهمته، نظراً إلى أن مختلف العقد الأخرى من الممكن تجاوزها بسهولة أكبر، لا سيما إذا ما كانت قوى الأكثرية النيابية صادقة في تقديم التسهيلات له.