يطوي العام 2019 أيامه الأخيرة فلسطينيا على احداث جسام شهدتها المخيمات في لبنان عامة ومخيم عين الحلوة والميّة وميّة خاصة، أبرزها حسب التسلسل الزمني:

-تحويل "المية ومية" الى مخيم شبه خالٍ من السلاح (10 ايار) وفق اتفاق أبرمته ​القوى الفلسطينية​ الوطنية والاسلامية وتحديدا حركتي "فتح" و"حماس" و"انصار الله"، الذين يتحكمون بمعادلة المخيم السياسية والامنيّة، مع قيادة ​الجيش اللبناني​ بعد سلسلة من اللقاءات توزعت بين صيدا وبيروت، وقضى بأن يتولى الجيش مهمة حفظ الامن وفق سلسلة من التدابير، إزالة الحاجز العسكري لقوات الامن الوطني الفلسطيني عند المدخل الغربي وفتح ممر آمن لاخراج السلاح الثقيل والمتوسط وضبط السلاح الفردي ومنع ظهوره على الاطلاق وتحويل المقرّات والمكاتب العسكرية والتنظيمية الى كشفية ورياضية.

وقد جاء قرار الجيش اللبناني في اطار "خطة عسكرية" مدعومة من أعلى مراكز السلطة السياسية، لتفكيك الالغام داخل المخيم نفسه من جهة، وتنفيس الاحتقان الذي ساد منطقة الجوار اللبناني من جهة أخرى، بعد الاشتباكات التي دارت في المخيم، بين حركتي "فتح" و"أنصار الله"، في تشرين الأول من العام 2018، وأوقعت أربعة قتلى ونحو 30 جريحا، فضلا عن اضرار مادية في الممتلكات، وما رافقها من تأثير سلبي على بلدة المية ومية، حيث يقع المخيم على أراضيها.

ويتحكم بمعادلة مخيم المية ومية السياسية والأمنية بشكل رئيسي ثلاثة فصائل فلسطينية هي "فتح"، و"حماس" و"انصار الله"، بينما لباقي الفصائل الا التمثيل الرمزي، وقد أحكمت حركة "فتح" السيطرة عليه في اعقاب الاشتباكات الأخيرة التي خلصت الى "تسوية" قضت بمغادرة الامين العام لتنظيم "أنصار الله" الارهابي جمال سليمان المخيم (7 تشرين الثاني 2018) برفقة نحو 20 شخصا من عائلته، هم زوجاته وأولاده ومرافقيه الشخصيين ليغيب عن المشهد السياسي عن المخيم.

انهاء حالة العرقوب

-انهاء حالة بلال العرقوب (4 آب) الذي شكل حالة "شاذة" في عين الحلوة، حيث بات عاملا للتوتير الأمني ما دفع بـ"القوى الاسلامية" و"​الشباب المسلم​" الى التخلي عنه، بعد اغتياله حسين جمال علاء الدين الملقب بـ"أبو حسن الخميني"، علنا وفق لقطات وثقتها كاميرات المراقبة في الشارع الفوقاني، فشنت عصبة الأنصار الإسلامية​ و​​حركة فتح​​" عملية عسكرية مشتركة عليه ولاحقته هو وأبنائه والإشتباك معهم، ما أدى إلى مقتل بلال على الفور واعتقال نجليه يوسف وأسامة وتسليمهم عبر القوة المشتركة الفلسطينية لمخابرات الجيش اللبناني​، فيما تمكن إبنه الثالث محمد من الفرار، علما أن العرقوب، من مواليد 1967، من بلدة المنشية في قضاء عكا، كان يقيم في مخيم الرشيدية وانتقل الى صيدا، حيث منزل والده ومنها الى مخيم عين الحلوة في منتصف التسعينيات، وقد انتمى الى حركة فتح–المجلس الثوري، ثم الى القوى الاسلامية، متنقلا بين اطرها "جند الشام"، و"الشباب المسلم"، الى أن شكل حالة لوحده وقد برز نجمه خلال المعركة الطيرة بين حركة "فتح" والاسلامي المتشدد الارهابي بلال بدر، والتي انتهت بإحكام السيطرة على "حي الطيرة" وكان قتل نجله عبيدة في معركة الطيرة الثانية في اب 2107.

قرار العمل

-قرار وزير العمل ​كميل ابو سليمان​ (15 تموز) بشأن المؤسسات والعمال الفلسطينيين في لبنان بفرض حصولهم على اجازة عمل في اطار حملة لتنظيم اليد العاملة غير اللبنانية، ما اثار استياء القوى الفلسطينية على ابواب بدء الحوار الرسمي الثنائي، عبر اللجنة اللبنانية الفلسطينية برئاسة الوزير السابق ​حسن منيمنة​، تزامنا مع اتصالات لبنانية-فلسطينية لم تهدأ، انتهت بتشكيل "لجنة وزارية" مصغرة برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال ​سعد الحريري​ وعضوية عدد من الوزراء، لم تعقد اجتماعا واحدا ولم تصدر قرارا بالغائه، رغم كل الجهود التي بذلها رئيس مجلس النواب وحركة "أمل" نبيه بري.

انعكاس الازمة اللبنانية

-انعكاس الازمة السياسية والاقتصادية والمعيشية اللبنانية التي اندلعت شرارتها في 17 تشرين الاول الفائت، على ​المخيمات الفلسطينية​، حيث وصفتها اللجان الشعبية بانها "مضاعفة في ظل الازمات الاقتصادية والمعيشية وارتفاع الاسعار والغلاء، وتراجع خدمات "​الاونروا​" باضطراد"، ما دفع المبادرة الشعبية الفلسطينية واللجان الشعبية الى تنظيم وقفات احتجاجية امام مكتب مدير الاونروا في المخيم للمطالبة باعلان "خطة طوارىء" عاجلة، بعدما تبين صعوبة اطلاق "نداء استغاثة" للمجتمع الدولي لتوفير المزيد من الدعم المالي للاجئين الفلسطينيين في لبنان وفق ما أكد المدير العام لوكالة "الاونروا" كلاودي كوردوني، معتبرا ان ذلك يتطلب تنسيقا مع المنسق المقيم للامم المتحدة ومنسق الشؤون الانسانية في لبنان ​فيليب لازاريني​.

بالمقابل، اتفقت الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية وابرزها جمعية "عمل تنموي بلا حدود-نبـــــع"، على القيام بخطوات سريعة لتقديم يد العون لابناء المخيمات بانتظار ما ستؤول اليه اتصالات "الاونروا"، للتخفيف من التأثيرات السلبية، فوزعت "نبع" مساعدات مالية في مخيم عين الحلوة ونهر البارد شمالا، بينما وزع التيار الاصلاحي لحركة "فتح" قسيمة شرائيىة بون" بقيمة 75 الف ليرة لبنانية لنحو 1750 عائلة في المخيم، على ان يشمل باقي المخيمات، وحركة "فتح" ربطة خبز يومية وفواكه وخضار ومواد تموينية بانتظار الموافقة على المساعدات المالية، وحركة "حماس" نحو عشرة الاف طرد غذائي تمويني.

احداث امنية

وشهد"عين الحلوة"، خلال هذا العام، سلسلة من الأحداث الأمنية أبرزها اغتيال الناشط الاسلامي محمد لطفي الملقب "أبو جندل" في منطقة "السكة" في تعمير عين الحلوة (14 اب)، اغتيال أحد عناصر قوات الأمن الوطني الفلسطيني محمد نزيه خليل الملقب "أبو الكل"، في حي حطين (26 نيسان)، إشكال بين "عصبة الأنصار الإسلامية" ومجموعة "العرقوب" في منطقة الصفصاف، أدى على مرحتلين إلى سقوط 6 جرحى (12 و14 آذار)، ثم أعقبه إشكال غير مترابط في "حي الزيب" أدى إلى سقوط أربعة جرحى (30 نيسان). في وقت بلغت فيه الخلافات الفلسطينية وتحديداً بين حركتي "فتح" و"حماس" ذروتها ما بين شهري شباط وآذار، ما دفع بري وقيادة "​حركة أمل​" للعمل على رأب الصدع وإعادة إحياء "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" في لبنان والتي تشكل مظلة سياسية وأمنية تقطع الطريق على أي محاولة للعب على وتر الخلافات.

ونتجية الاوضاع اللبنانية، قررت حركة "حماس" الغاء احتفالاتها في ذكرى انطلاقتها بالكامل، بينما قررت حركة "فتح" الغاءها في المدن اللبنانية واقتصارها داخل المخيمات الفلسطينية، ونفت "القوى الاسلامية" دخول اي عناصر لتنظيم "داعش" الارهابي الى مخيم عين الحلوة، مؤكدة الإلتزام الحياد الإيجابي!، فيما تمكن عدد من المطلوبين البارزين من الفرار من المخيم الى تركيا عبر سوريا، بواسطة هويّات مزورة، وتمكنت معلومات الأمن العام" من توقيف "ناقل المطلوبين" من عين الحلوة (7 كانون الاول)، بينما اصدر المجلس العدلي حكمه في ملف اغتيال ​القضاة الأربعة​ على افراد من "عصبة الانصار الاسلامية" (5 تشرين الاول) وبرأ الفلسطيني وسام طحيبش من اي تهم.

التوصيات للاونروا

​​​​​​​وخلال هذا العام، صوتت ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​ (13 كانون الاول) على تمديد مهام ولاية وكالة ​الأونروا​ حتى عام 2023، فتجاوزت قطوعا بتصويت 170 دولة على التمديد لعمل الوكالة ضد دولتين "أميركا و"​إسرائيل​"، وامتناع 7 دول عن التصويت، (في كانون الأول 2016 صوتت 167 دولة على التجديد)، ما اعتبر انتصارا للاجئين الفلسطينيين و"الأونروا" ولجميع القوى التي دافعت عنها وتصدت لاستهدافها الشرس، مع وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب إلى سدّة الرئاسة مطلع العام 2017، واستطاعت أن تكرس وجودها وأهمية استمرار بتقديم خدماتها لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني، موزعين على 12 مخيما والكثير من التجمعات غير المعترف بها.

استقالة المفوض

وشهد العام 2019 تطورا بارزا تمثل بتقديم المفوض العام لوكالة "الأونروا" بيار كراينبل استقالته إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريش، على ضوء التحقيقات الجارية في "شبهات فساد" داخل اروقة المؤسسة الدولية وسط استبعاد توجيه تهمة الاحتيال أو اختلاس أموال لكراينبل، السويسري الذي يشغل منصب مفوض "الأونروا" منذ أكثر من خمس سنوات، في وقت جرى فيه تعيين كريستيان ساوندرز قائما بأعمال المفوض لفترة موقتة.

اللجوء الانساني

كما شهدت سنة 2019 تطورا في استفحال ظاهرة المطالبة باللجوء الانساني، حيث نظمت "الهيئة الشبابية لفلسطينيي لبنان للجوء الإنساني" و"الهيئة الشبابية لفلسطينيي سوريا في لبنان" اعتصامات للاجئين الفلسطينيين في لبنان واقرانهم من سوريا، امام "السفارة الكندية" في "جل الديب" في بيروت، الاول في السادس من آب الماضي، والثاني في الخامس من ايلول الماضي، والثالث للهجرة إلى أوستراليا (11 ايلول) في ساحة الشهداء قرب مبنى ​الأمم المتحدة​ ومجمع السفارات، تحت شعار "اللجوء الانساني"، هرباً من الحرمان والاهمال اللذين يترنحون تحت وطأتهما في لبنان منذ 72 عاماً، قبل ان يختلف المشاركون ويعلن بعضهم الانسحاب على قاعدة انها مؤامرة لشطب ​حق العودة​ بعد الطلب بتصوير "كرت الاعاشة" وتقديمها الى السفارات لسحب التفويض من "الاونروا".