فيما يدور السِّجال من طُول البلاد إِلى عرضها، عن ظُروف ​تشكيل الحكومة​ ​الجديدة​، وهل هي وفق المعايير الَّتي حدَّدها الحراك الشَّعبيُّ، أَم أَنَّها وليدة "مُحاصصةٍ" مزعومةٍ، تبقى الفُرصة مُتاحةً أَمام نهم غالبيَّة التُّجَّار، فيما الحاجة مُتزايدةً، إِلى وضع حدٍّ لانفلات الأَسعار وتفلُّتها من أَيِّ حسيبٍ أَو رقيبٍ، ومن هُنا الحاجة إِلى "حماية المُستهلك".

فـ"قانون حماية المُستهلك"، الصَّادر خلال عهد رئيس الجُمهوريَّة الأَسبق إِميل لحُّود، بتاريخ 10/2/2005، يهدف-بحسب المادَّة الأُولى منه- إِلى "تحديد القواعد العامَّة الَّتي ترعى حماية المُستهلك، وصحَّة السِّلع والخدمات، وجودتها، وصون حقوق المُستهلك، وتأْمين شفافيَّة المُعاملات الاقتصاديَّة، الَّتي يكون المُستهلك أَحد أَطرافها"، إِضافةً إِلى "حماية المُستهلك من الغشِّ والإِعلان الخادع، والحَؤول دون استغلاله"...

فإِذا لم يُطبَّق هذا القانون اليوم، في أَحلك الظُّروف الاقتصاديَّة والأَوضاع الماليَّة المُتعثِّرة... فمتى يُطبَّق؟ وما الحجَّة في عدم تفعيل بُنوده؟ بخاصَّةٍ وأَنَّ أَسعار المواد الاستهلاكيَّة في الأَسواق، قد ارتفعت منذ 17 تشرين الثَّاني 2019 إِلى اليوم، بنسبةٍ أَقلُّها 40 في المئة... والأَنكى أَلاَّ معيار مُوحَّدًا لزيادة أَسعار الموادّ الاستهلاكيَّة، كما ولهذا التَّدنِّي في القُوَّة الشِّرائيَّة للِّيرة اللُّبنانيَّة، بدليل أَنَّ السِّلعة نفسها قد تُباع بفارق أَلف ليرة لبنانيَّة بين متجرٍ وآخر، ودُكَّانٍ وآخر، ولدى تاجرٍ وآخر...

إِنَّ الحُكومة الجديدة، مدعوَّةٌ إِلى تفعيل الرَّقابة على الأَسعار المحمومة في الأَسواق اللُّبنانيَّة، كخُطوةٍ ضروريَّةٍ، ضمن سلسلة خُطواتٍ، للتَّخفيف عن كاهل المُواطن، ولامتصاص النَّقمة المُحقَّة في الشَّارع الَّذي بات يغلي بالمطالب المُزمنة... ولا ذريعة تحول دون الرَّقابة على الأَسعار، ولا أَسباب تخفيفيَّة للحُكومة الجديدة إِنْ هي تقاعست في هذا الظَّرف، عن المُبادرة إِلى هذه الخطوة الضَّروريَّة والمُلحَّة...

الحقُّ في إِنشاء الجمعيَّات

كما وأَجاز القانون المُشار إِليه، في المادَّة الثَّالثة وتحت عُنوان "حُقوق المُستهلك"، إِنشاء جمعيَّاتٍ لحماية المُستهلك، والانتساب إليها، و"الحقَّ في التَّقاضي مُباشرةً، أَو بواسطة جمعيَّات المُستهلك جماعيًّا، لصون الحُقوق أَو التّعويض عن الأَضرار، الَّتي تكون لحقت بالمُستهلك"...

وبالتَّالي فإِنَّ كُلَّ مُواطنٍ، مدعوٌّ أَيضًا إِلى صون حُقوقه كمُستهلكٍ، والإِفادة ممَّا سمح به القانون، وعدم السُّكوت عن الضَّيم...

مُخالَفات

ومِن المُخالفات الَّتي رُصدَت في الآونة الأَخيرة، في أَكثر من متجرٍ، الفارق بين سعر السِّلعة المُشار إِليه بواسطة "لصقةٍ" على الرَّفِّ، وثمن السِّلعة على الصُّندوق، إِذ غالبًا ما يكون أَكثر ارتفاعًا من السِّعر المُصرَّح عنه. وفي ذلك مُخالفة للمادَّة الخامسة من القانون 659، والَّتي تنصّ على وجوب أَنْ يُعلن عن "الثَّمن باللِّيرة اللُّبنانيَّة، في شكلٍ ظاهرٍ، بلصقةٍ إِمَّا على السِّلعة، أو على الرَّفِّ المعروضة عليه"...

كما ويُرصد أَحيانًا تلاعبٌ في تاريخ صُنع السِّلعة ومُدَّة صلاحيَّتها، وفي ذلك مُخالفةٌ واضحةٌ للمادَّة السَّابعة من القانون المذكور.

صلاحيَّة ​وزارة الاقتصاد

وتنصُّ المادَّة 45 من القانون المُشار إِليه على الآتي: "على وزارة الاقتصاد والتِّجارة، إِذا ثبتت لديها معلوماتٌ علميَّة من جهةٍ دوليَّةٍ أَو محليَّةٍ، مُعترفٍ بمرجعيَّتها رسميًّا، عن خطرٍ على الصِّحَّة أَو السَّلامة العامَّة، قد ينتج عن استعمال أَو استهلاك سلعةٍ أَو خدمةٍ مُعيَّنةٍ، سواء أَكان هذا الخطر حاصلاً أَم مُتوقَّعًا، إِعلام الجمهور عن المخاطر، وإِجراءات الوقاية الواجب اتِّباعها"...

كما وجاء في المادَّة 60 من الفصل الحادي عشر: "تُنشأ لدى وزارة الاقتصاد والتِّجارة، هيئةٌ تُعرف بـ(المجلس الوطنيِّ لحماية المُستهلك)، تتمتَّع بالصِّفة الاستشاريَّة، ويرأَسها وزير الاقتصاد والتِّجارة"...

وعليه، فقد بات لزامًا على الجميع، العمل بمُقتضيات القانون، في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الوطن.